عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت يزيد الأنصاري قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف أغتسل من الحيض؟ قال:"خذي فرصة ممسكة - قطعة قطن - فتوضئي" قالها ثلاثًا، وهو في كل ذلك يقول:"سبحان الله" عند إعادتها السؤال، ثم أعرض عنها بوجهه استحياء، فأخذتها عائشة، وأخبرتها بما يريد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن ثمَّ وجب أن يتلقى الأحكام الخاصة بالنساء من الرسول - صلى الله عليه وسلم - عدد كثير منهن، وهن يبلِّغن ذلك إلى النساء، ولا يصلح للتلقي عنه إلا أزواجه؛ لأنهن لهن خصائص تمكنهن من معرفة أغراض النبي - صلى الله عليه وسلم - دون تأفُّف ولا استحياء، يرشد إلى ذلك قوله:"خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" يريد عائشة رضي الله عنها والعرب تقول: امرأة حمراء؛ أي: بيضاء.
٢ - إن المصاهرة من أقوى عوامل التآلف والتناصر، كما هو مشاهد معروف، والدعوة في أول أمرها كانت في حاجة ماسة، إلى الإكثار من ذلك؛ لاجتذاب القبائل إليه، ومؤازرتهم له لذود عوادي الضالين، وكفِّ أذاهم عنه، ومن ثَمَّ كان أكثر زوجاته من قريش سيدة العرب.
٣ - إن المؤمنين كانوا يرون أنَّ أعظم شرف، وأمتن قربة إلى الله تعالى مصاهرتهم لنبيه، وقربهم منه، فمن ظفر بالمصاهرة .. فقد أدرك ما يرجو، ألا ترى أن عمر رضي الله عنه أسف جد الأسف حين فارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته، وقال: لا يعبأ بعدها بعمر، ولم ينكشف عنه الهم حتى روجعت، وأنَّ عليًا كرم الله وجهه على اتصاله برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طريق النسب، وشرف اقترانه بالزهراء، رغب في أن يزوجه أخته أم هانىء بنت أبي طالب؛ ليتضاعف شرفه ولم يمنعها من ذلك إلا خوفها أن تقصِّر في القيام بحقوق الرسول مع خدمة أبنائها.
الأسباب الخاصة
١ - تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خديجة سودة بنت زمعة أرملة السكران بن عمرو الذي أسلم، واضطر إلى الهجرة إلى بلاد الحبشة هربًا من اضطهاد المشركين، ومات هناك، وأصبحت امرأته بلا معين، وهي أرمل رجل مات في سبيل الدفاع عن الحق، فتزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - وفاء لرجل غادر الأهل والأوطان احتفاظًا بعقيدته، وقد شاركته هذه الزوجة في أهوال التغريب والنفي، وحماية لها من أهلها أن يفتنوها؛