للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حديث: "الطهور شطر الإيمان"، ويكون بمعنى الجهة والنحوِ كما هنا. ويقال: شطر - من باب دخل - شطورًا إذا بَعُدَ. وشَطرت الدار إذا بَعُدت، ومنه الشاطر؛ وهو الشابّ البعيد من الجيران الغائب عن منزله يجمع على شطر، والابن الشاطر هو الذي عصى أباه، وعاش في الخلاعة بعيدًا عنه، ثم عاد إليه ثانيًا، والشطر أيضًا الجهة والناحية، يجمع على أشطر وشطور، ومنه شطر شطره إذا قصد قصده، ومنه: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ}؛ أي: تلقاءه.

{فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ}: وأصلُ ولُّوا: وليوا، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فالتقى ساكنان فحذف أولهما وهو الياء، وضم ما قبله لتجانس الضمير، فوزنه فعوا.

البلاغة

{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}؛ أي: على استقبالها، أو على اعتقادها، ففيه إيجازٌ بالحذفِ، والاستعلاء في قوله: {عليها} فيه مجاز بالاستعارة حيث شبه مواظبتهم على المحافظة عليها باستعلاء من استعلى على الشيء.

{أُمَّةً وَسَطًا}؛ أي: خيارًا عدولًا، فالوسط مستلزِم للخيار والعدول، فأطلق الملزوم وأراد اللازم، فيكونان استعارةً. وأصل الوسط: مكانٌ تستوي إليه المساحة من سائر الجوانب، ثم استعير للخصال المحمودة، ثم أطلق على المتصِف بها.

{إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ}: والالتفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله: {الرَّسُولَ} مع إيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة للإشعار بعلة الإتباع. قاله أبو السعود.

{يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}: فيه استعارةٌ تمثيليةٌ حيث مثل لمن يرتدّ عن دينه بمن ينقلب على عقبيه. أفاده الفخر الرازي.

{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}: ولما كان نفي الجملة السابقة مبالغًا فيها من حيث لام الجحود .. ناسب إثبات الجملة الخاتمة مبالغًا فيها، فبولغ فيها بإن