وباللام، وبالوزن على فعول وفعيل، كل ذلك إشارةً إلى سَعَة الرحمة، وكثرة الرأفة، وتقدم المجرور اعتناءً بالمرؤوف بهم، وتأَخرَ الوصف بالرحمة رعاية للفاصلة؛ لأنها على الميم، والفاصلة: هي الكلمة آخرَ الآيةِ كقافيةِ الشعرِ، وقرينة السجع، وسميت بالفاصلة أخذًا من قوله تعالى:{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} وهي هنا قوله سابقًا: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وهنا:{لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ}: والوجه (١) هنا قيل: أُريد به مدلول ظاهره. قال قتادة والسدي وغيرهما:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقلب وجهه في الدعاء إلى الله تعالى أن يحوِّله إلى قبلة مكة)، وقيل: كُنِّي بالوجه عن البصر؛ لأنه أشرف، وهو المستعمل في طلب الرغائب. تقول: بذلت وجهي في كذا، وهو من الكناية بالكل عن الجزء. وفي قوله:{شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} مجازٌ مرسل من إطلاق اسم الكل على الجزء إن قلنا المراد منه الكعبة كما علله الأكثرون.