للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِذَا الْمَرْءُ أَعْيَتْهُ السِّيَادَةُ نَاشِئًا ... فَمَطْلَبُهَا كَهْلًا عَلَيْهِ عَسِيْرُ

وقول الآخر:

تَسَلَّيْتُ طُرًّا عَنْكُمُ بَعْدَ بَيْنِكُمْ ... بِذِكْرَاكُمُ حَتَّى كَأنَّكُمُ عِنْدِيْ

وقول الآخر:

غَافِلًا تَعْرِضُ الْمَنِيةُ لِلْمَرْءِ ... فَيُدْعَى وَلاَتَ حَيْنَ إِبَاءِ

وممن رجح كونها حالًا من المجرور بعدها: ابن عطية، وقال: قدمت للاهتمام والتقوى.

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبيُّ يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" متفق عليه.

وفي الحديث (١): بيان الفضائل التي خص الله بها نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - دون سائر الأنبياء، وأنَّ هذه الخمسة لم تكن لأحد ممن كان قبله من الأنبياء، وفيه اختصاصه بالرسالة العامة لكافة الخلق الإنس والجن، وكان النبي قبله يبعث إلى قومه، أو إلى بلده خاصة، فعمت رسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - جميع الخلق، وهذه درجة خص بها دون سائر الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.

وانتصاب {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} على الحال من الكاف في {أَرْسَلْنَاكَ}؛ أي: وما أرسلناك إلا حالة كونك مبشرًا لمن آمن بالجنة، وحالة كونك منذرًا ومخوفًا لمن كفر بالنار.

ومعنى الآية (٢): أي وما أرسلناك إلى قومك خاصة، بل أرسلناك إلى الخلق جميعًا، عربهم وعبهم أسودهم وأحمرهم، إنسهم وجنهم، مبشرًا من أطاعني بالثواب العظيم، ومنذرًا من عصاني بالعذاب الأليم، ونحو الآية قوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا


(١) الخازن.
(٢) المراغي.