{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} يقال: نفق الشيء مضى ونفد؛ إما بالبيع نحو نفق البيع نفاقًا، وإما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقًا، واما بالغناء نحو نفقت الدراهم تنفق وأنفقتها.
{فَهُوَ يُخْلِفُهُ} يقال: أخلف الله له وعليه: إذا أبدل له ما ذهب عنه. {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} وأورد على هذا وعلى نظائره ابن عبد السلام في أماليه، كما نقله السيوطي في شرح السنن: أنه لا بد من مشاركة المفضل للمفضل عليه في أصل الفعل حقيقةً لا صورة.
وأجيب بأن الرازقين بمعنى الموصعلين للرزق والواهبين له بجعله حقيقة في هذا، كما صرح به الراغب؛ حيث قال: الرزق: العطاء البخاري، والرازق يقال لخالق الرزق ومعطيه، فيقال رازق لغيره تعالى، ولا يقال لغير الله تعالى رزاق، ولا حاجة إلى ما قيل من أنه من عموم المجاز، أو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه. اهـ "شهاب".
فائدة: وفي "التأويلات النجمية": يشير إلى أنه خير المنفقين؛ لأن خيرية المنفق بقدر خيرية النفقة، فما ينفق كل منفق في النفقة .. فهو فانٍ، وما ينفق الله من نفقة ليخلفه با فهي باقية، والباقيات خير من الفانيات انتهى.
قال في "بحر العلوم": لما كان إقامة مصالح العباد من أجل الطاعات وأشرف العبادات؛ لأنها من وظيفة الأنبياء والصالحين .. دلهم الله سبحانه في الآية على طرف منها حثًا عليها، كما قال - صلى الله عليه وسلم -، حثًا لأمته عليها:"الخلق كلهم عيال الله، وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله، قال العسكري: هذا على التوسع والمجاز، كأن الله تعالى لما كان المتضمِّن لأرزاق العباد والكافل بها .. كان الخلق كالعيال له.
وفي الحديث: "إن لله أملاكًا خلقهم كيف يشاء، وصورهم على ما يشاء تحت عرشه، ألهمهم أن ينادوا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في كل يوم مرتين: ألا من وسع على عياله وجيرانه .. وسع الله عليه في الدنيا والآخرة، ألا من ضيَّق .. ضيق الله عليه، ألا إن الله قد أعطاكم لنفقة درهم على عيالكم خير من سبعين قنطارًا