عقيد بمعنى: معقد، وليس بمعنى مفعول، كشيطان رجيم بمعنى: مرجوم، وليس هو في الآية كذلك؛ لأنه إنما يقال محكوم به ونحو ذلك، ولا بمعنى: فاعل؛ أي: حاكم؛ لأن الحاكم الحقيقي هو الله تعالى، فظهر بذلك أن القرآن محكوم فيه لا حاكم، وأن الحاكم المطلق هو الله تعالى، أو على معنى النسب؛ أي: ذي الحكم؛ لأنه دليل ناطق بالحكمة بطريق الاستعارة، أو المتصف بها على الإسناد المجازي.
{إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)} من الإرسال، والإرسال قد يكون للتسخير، كإرسال الريح والمطر، وقد يكون بمعنى بعث من له اختيار، نحو إرسال الرسل، كما في "المفردات".
{فَهُمْ غَافِلُونَ}؛ أي: متصفون بالغفلة، والغفلة: ذهاب المعنى عن النفس، والنسيان: ذهابه عنها بعد حضوره. قال بعضهم: الغفلة: نوم القلب، فلا تعتبر حركة اللسان إذا كان القلب نائمًا، ولا يضر سكوته إذا كان متيقظًا، ومعنى التيقظ: أن يشهده تعالى حافظًا له رقيبًا عليه قائمًا بمصالحه.
{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ}؛ أي: ثبت ووجب، والقول الحكم والقضاء الأزلي. {أَغْلَالًا}: جمع غل بضم الغين، وهو القيد الذي يوضع في اليد، وقد تشد به اليد إلى العنق، وفي "المفردات": أصل الغلل: تدرع الشيء وتوسُّطه، ومنه: الغلل للماء الجاري، مختص بما يقيد به، فيجعل الأعضاء وسطه، وغل فلان: قيد به، وقيل للبخيل: هو مغلول اليد.
{فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ} جمع ذقن بفتح الذال والقاف وبكسر الذال وبفتح القاف ومجتمع اللحيين من أسفلهما.
{فَهُمْ مُقْمَحُونَ} جمع: مقمح، والمقمح: الذي يرفع رأسه، ويغض بصره من الإقماح، يقال: قمح البعير فهو قامح إذا رفع رأسه بعد الشرب لارتوائه، أو لبرودة الماء، أو لكراهة طعمه، كما مرَّ، وفي "المختار" الإقماح: رفع الرأس، وغض البصر، يقال: أقمحه الغل إذا ترك رأسه مرفوعًا من ضيقه. اهـ. وفي "القاموس": وأقمح الغل الأسير: إذا ترك رأسه مرفوعًا لضيقه.
{سَدًّا} السد - بفتح السين وضمها -: الحاجز بين الشيئين والجبل، والجمع: أسداد. قال علي بن أبي طالب: وضرب على قلبه بالأسداد؛ أي: سدت