{فَأَغْشَيْنَاهُمْ}؛ أي: أغشينا أبصارهم؛ أي: غطيناهم، وجعلنا عليها غشاوة عن أن تطمح إلى مرئي. {وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ}؛ أي: عقابه، {بِالْغَيْبِ}؛ أي: قبل حلوله ومعاينة أهواله. {نُحْيِ الْمَوْتَى} والإحياء: جعل الشيء حيًا ذا حس وحركة، والميت: من أخرج روحه.
{مَا قَدَّمُوا}؛ أي: أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة. {وَآثَارَهُمْ}؛ أي: ما أبقوه بعدهم من الحسنات، كعلم علموه، أو كتاب ألفوه أو بناء في سبيل الله بنوه، أو من السيئات، كغرس بذور الضلالات بين الناس.
{أَحْصَيْنَاهُ} قال ابن الشيخ: أصل الإحصاء: العد، ثم استعير للبيان والحفظ؛ لأن العد يكون لأجلهما، وفي "المفردات": الإحصاء: التحصيل بالعدد، يقال: أحصيت كذا، وذلك من لفظ الحصي، واستعمال ذلك فيه؛ لأنهم كانوا يعتمدون عليه في العد اعتمادنا فيه على الأصابع.
{فِي إِمَامٍ}؛ أي: أصلٍ يؤتم به، قال الراغب: الإِمام المؤتم به إنسانًا كان يقتدى بقوله وبفعله، أو كتابًا أو غير ذلك، محقًا كان أو مبطلًا، وجمعه: أئمة.
{فعززناهما}؛ أي: قويناهما وشددناهما، يقال: عزز المطر الأرض إذا لبدها وسددها، وأرض عزار؛ أي: صلبة، وتعزز اللحم: اشتد وعز، كأنه حصل في عزاز يصعب الوصول إليه.
{إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}؛ أي: التبليغ الواضح الظاهر للرسالة. {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}؛ أي: تشاءمنا، والتطير: التشاؤم، وأصله: من الطير إذا طار إلى جهة اليسار تشاءموا به، وأصل التطير: التفاؤل بالطير، فإنهم يزعمون أن الطائر السانح - أي: الذي طار إلى جهة اليمين - سببٌ للخير، والبارح - أي: الذي طار إلى جهة اليسار - سبب للشر، ثم استعمل في كل ما يتشاءم به، طيرًا كان أو غيره.
{طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} وفي "المختار": طائر الإنسان: عمله الذي قلّده، والطير