{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} جمع صابر، اسم فاعل من صبر على الأمر - من باب ضرب - إذا جرأ وشجع وتجلد، فهو صابر وصبر وصبور، والصبر من خواص الإنسان؛ لأنه يتعارض فيه العقل والشهوة وهو بدني، وهو إما فعلي كتعاطي الأعمال الشاقة، وإما احتمالي كالصبر على الضرب الشديد، ونفسي وهو قمع النفس عن مشتهيات الطبع فإن كان من شهوة الفرج والبطن سمي عِفَّة، وإن كان من احتمال مكروه اختلفت أساميه باختلاف المكروه ففي المصيبة يقتصر عليه باسم الصبر ويضاده الجزع، وإن كان في الغنى سُميَ ضبط النفس ويضاده البطر، وإن كان في حربٍ سُمي شجاعةً ويضاده الجبن، وإن كان في نائبة مُضجرة سُمي سعة صدر ويضاده الضجر، وإن كان في إخفاء كلام سُمي كتمانًا ويضاده الإعلان، وإن كان في فضول الدنيا سُمي زهدًا ويضاده الحرص، وإن كان على يسير من المال سمِّي قناعةً ويضاده الشره.
قال القفال: ليس الصبر أن لا يجد الإنسان ألم المكروه، ولا أن لا يكره ذلك، إنما هو حمل النفس على ترك إظهار الجزع وإن ظهر دمع عين أو تغير لون ولو ظهر منه أولًا ما لا يُعد معه صابرًا ثُمَّ صبر لم يعد ذلك إلا سلوانًا.
{مُصِيبَةٌ}: اسم فاعل من أصابت، والمصيبة: كل ما أذى المؤمن في نفسٍ أو مالٍ أو أهلٍ، صغرت أو كبرت حتى انطفاء المصباح لمن يحتاجه يُسمى: مصيبة.
البلاغة
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ}: والتعبير بصيغة التكلم الدالّة على العظمة بعد التعبير بالصيغة التي لا دلالة لها عليها من قبيل التفنن، وجريًا على سَنَنِ الكبراء. أفاده أبو السعود.
وبين كلمتي {أَرْسَلْنَا} و {رَسُولًا} من المحسنات البديعية جناس الاشتقاق؛ وهو توافق الكلمتين في الحروف والأصول مع الاتفاق في أصل المعنى.