{مِنْ جُنْدٍ} الجند: العسكر، واحده جندي، والمراد بهم هنا: الجند من الملائكة؛ لأنهم جند الله الأكبر. {خامِدُونَ} والخمود: انطفاء النار، والمقصود به هنا: الموت. {يا حَسْرَةً} والحسرة على ما قال الراغب: الغم على ما فات، والندم عليه، كأن المتحسر انحسرت عنه قواه من فرط الإعياء. {مِنَ الْقُرُونِ} جمع قرن، والقرن: القوم المقترنون في زمن واحد.
{وَفَجَّرْنا} الفجر: شق الشيء شقًا واسعًا، كما في «المفردات». قال بعضهم: التفجير كالتفتيح لفظًا ومعنًى، وبناء التفعيل للتكثير. {فِيها مِنَ الْعُيُونِ} جمع عين، وهي في الأصل: الجارحة. ويقال لمنبع الماء: عين، تشبيهًا بها في الهيئة، وفي سيلان الماء منها، ومن عين الماء اشتق ماء معين؛ أي: ظاهر للعيون. ومعنى {مِنَ الْعُيُونِ}: من ماء العيون، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
{سُبْحانَ الَّذِي} سبحان: علم للتسبيح، الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادًا وقولًا؛ أي: اعتقاد البعد عنه، والحكم به. فإن العلم كما يكون علمًا للأشخاص، كزيد وعمرو، وللأجناس كأسامة .. يكون للمعاني أيضًا. لكن علم الأعيان لا يضاف، وهذا لا يجوز بغير إضافة كما في الآية، أقيم مقام المصدر، وبيّن مفعوله بإضافته إليه. {الْأَزْواجَ}: جمع زوج، وهو ضد الفرد، ويقال للأنواع: أزواج؛ لأن كل نوع زوج بقسيمه. وفي {سُبْحانَ} استعظام ما في حيِّز الصلة، من بدائع آثار قدرته، وروائع نعمائه الموجبة للشكر، وتخصيص العبادة به. والتعجب من إخلال الكفرة بذلك، والحالة هذه، فإن التنزيه لا ينافي التعجب. والمعنى: أسبح الذي أوجد الأصناف والأنواع سبحانه؛ أي: أنزهه عما لا يليق به عقدًا وعملًا تنزيهًا خاصًا به، حقيقًا بشأنه. فهو حكم منه تعالى بتنزهه، وبراءته عن كل ما لا يليق به، كما فعله الكفار من الشرك وما تركوه من الشكر، وتلقين للمؤمنين أن يقولوه، ويعتقدوا مضمونه، ولا يخلّوا به ولا يغفلوا عنه. وقال بعضهم:{سُبْحانَ} مصدر كغفران أريد به: التنزه التام، والتباعد