للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإِسلام كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين، فأذن الله تعالى فيه، وأخبر أنه من شعائر الله، لا من شعائر الجاهلية.

وأخرج مسلم (١) عن جابر رضي الله عنه في حديثه الطويل في صفة حجة الوداع قال: ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} "ابدأ بما بدأ الله به"، فبدأ بالصفا، الحديث. فإذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سعى وجب علينا السعي، لقوله تعالى: {فاتَّبِعُوه}، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم" والأمر للوجوب.

وأخرج مسلم (٢)، وغيره عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لعمري ما أتم الله حج من لم يسع بين الصفا والمروة ولا عمرته؛ لأن الله تعالى قال: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}.

وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا".

فائدة (٣): اختلف العلماء في حكم السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة، فذهب جماعة إلى وجوبه؛ وهو قول ابن عمر وجابر وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال الحسن، وإليه ذهب مالك والشافعي.

وذهب قوم إلى أنه تطوع؛ وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، وبه قال ابن سيرين، وذهب الثوري وأبو حنيفة إلى أنه ليس بركن، وعلى من تركه دم. وروي عن ابن الزبير، ومجاهد، وعطاء أنّ من تركه فلا شيء عليه، واختلفت الرواية عن أحمد في ذلك، فروي عنه أن من ترك السعي بين الصفا والمروة لم يُجْزِه حجه ولا عمرته، وروي عنه أنه لا شيء في تركه عمدًا ولا سهوًا، ولا


(١) الخازن.
(٢) شوكاني.
(٣) الخازن.