للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنها: سماع الأصوات الطيبة، والنغمات اللذيذة. ثم إنه ليس في الجنة سماع المزامير والأوتار، بل سماع القرآن، وسماع أصوات الأبكار المغنية، والأوراق، والأشجار، ونحو ذلك. وروي: أن في الجنة أشجارًا عليها أجراس من فضة، فإذا أراد أهل الجنة السماع، يهب الله ريحًا من تحت العرش، فتقع في تلك الأشجار، فتحرك تلك الأجراس بأصوات، لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طربًا.

ومنها: التزاور، وفي الحديث: «إن أهل الجنة يزورون ربهم في كل يوم جمعة، في رحال الكافور، وأقربهم منه مجلسًا، أسرعهم إليه يوم الجمعة وأبكرهم غدوا». وروي: «أنهم إذا نظروا إلى الله، نسوا نعيم الجنة».

ومنها: شغلهم عما فيه أهل النار على الإطلاق، وشغلهم عن أهاليهم في النار لا يهمهم، ولا يبالون بهم، ولا يذكرونهم كي لا يدخل عليهم تنغيص في نعيمهم. وقيل: ضيافة الله، وأفرد الشغل ملحوظًا فيه النعيم. وهو واحد من حيث هو نعيم، ذكره أبو حيان.

والظاهر (١): أن المراد بالشغل ما هم فيه من فنون الملاذ، التي تلهيهم عما عداها بالكلية؛ أي: شغل كان كما مر. وفي الآية إشارة إلى أن أهل النار، لا نعيم لهم من الطعام، والشراب، والنكاح، وغيرها. وفي «تذكرة القرطبي»: أن بعض العصاة، ينامون في النار إلى وقت خروجهم منها، ويكون عذابهم نفس دخولهم في النار. فإنه عار عظيم وذل كبير، ألا ترى: أن من حبس في السجن، كان هو عذابًا له بالنسبة إلى مرتبته، وإن لم يعذب بالضرب والقيد ونحوهما. ثم إنا نقول: والعلم عند الله؛ لأنه ليس له مستند، ولا أصل أثر فيه.

وقرأ الكوفيون، وابن عامر (٢): {شُغُلٍ} بضمتين. وقرأ الحرميان: ابن كثير ونافع، وأبو عمرو: بضم الشين وسكون الغين. وهما لغتان، كما قال الفرّاء. وقرأ مجاهد، وأبو السمّال، وابن هبيرة، فيما نقل ابن خالويه عنه: بفتحتين.


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط والشوكاني.