للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَلَا جُنَاحَ}: والجناح: الميل إلى الإثم، ثم أطلق على الإثم نفسه، يقال: جنح إلى كذا جنوحًا - من بأبي قَعَدَ وفَتَحَ - إذا مال إليه، ومنه جُنْحُ الليل؛ أي: ميله.

{وَمَنْ تَطَوَّعَ}: تطوع - من باب تفعَّل - من الطوع؛ وهو الانقياد، ولكن المراد هنا: التبرع بأي طاعة كانت، أو بالحج والعمرة بعد قضاء الواجب عليه.

البلاغة

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}: في هذا التركيب مجازٌ بالحذف؛ إما من الأول تقديره: إن السعي بين الصفا والمروة من أحكام شرع الله التي شرعها لعباده، أو من الآخر تقديره: إن الصفا والمروة من أعلام عبادة الله وحدودها.

{فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}: وشكرُ اللهِ العبدَ بأحد معنيين: إما بالثواب، وإما بالثناء عليه.

قال أبو السعود: عبر عن ذلك بالشكر مبالغةً في الإحسان على العباد، فأطلق الشكر، وأراد به الجزاء بطريق المجاز. وعلمه (١) هنا؛ هو علمه بقدر الجزاء الذي للعبد على فعل الطاعة، أو بنيته وإخلاصه في العمل، وقد وقعت الصفتان الموقَع الحسن؛ لأن التطوع بالخير يتضمن الفعل والقصد، فناسب ذكر الشكر باعتبار الفعل، وذكر العلم باعتبار القصد، وأخرت صفة العلم وإن كانت متقدمة على الشكر، كما أن النية مقدمة على الفعل؛ لتواخي رؤوس الآي. ذكره أبو حيان.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}: فيه خروج من ظاهر إلى ضمير متكلم.

{مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ} وتبيينه (٢) لهم تلخيصه وإيضاحه، بحيث يتلقاه كل واحد منهم من غير أن يكون له فيه شبهة، وهذا عنوان مغاير؛ لكونه بينًا في


(١) الجر المحيط.
(٢) أبو السعود.