للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نفسه، وهدى مؤكد؛ لقبح الكتم أو تفهيمه لهم بواسطة موسى عليه السلام.

{أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} وأبرز (١) الخبر في صورة جملتين: توكيدًا وتعظيمًا، وأتى بالفعل المضارع المقتضي التجدد؛ لتجدد مقتضيه، وهو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ}، ولذلك أتى بصلة {الَّذِينَ} فعلًا مضارعًا ليدل أيضًا على التجدد؛ لأن بقاءهم في الكتمان هو تجدد كتمانٍ، وجاء بالجملة المسند فيها الفعل إلى الله؛ لأنه هو المجازي على ما اجترحوه من الذنب، وجاءت الجملة الثانية؛ لأن لعنة اللاعنين مترتبة على لعنة الله للكاتمين، وأبرز اسم الجلالة بلفظ الله على سبيل الالتفات؛ إذ لو جرى على نسق الكلام السابق .. لكان أولئك نلعنهم، لكن في إظهار هذا الاسم الشريف من الفخامة، وإلقاء الروعة والمهابة في القلب ما لا يكون في الضمير، وفي قوله: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} من المحسنات البديعية التجنيس المغاير؛ وهو أن يكون إحدى الكلمتين اسمًا والأخرى فعلًا.

وقوله (٢): {فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}: اعتراض تذييلي محقق لمضمون ما قبله، والالتفات إلى التكلم؛ للتفنن في النظم الكريم، مع ما فيه من التلويح والرمز إلى ما مر من اختلاف المبدأ في فعليه تعالى: السابق وهو اللعن، واللاحق وهو الرحمة.

{وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}: من الإنظار لا من النظر، فإيثار الجملة الإسمية لإفادة دوام النفي واستمراره. ذكره الكرخي.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *


(١) البحر المحيط.
(٢) جمل.