{لَواحِدٌ}؛ أي: لا ثاني له سبحانه. وفي «المفردات» الوحدة: الانفراد. والواحد في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة، ثم يطلق على كل موجود، حتى إنه ما من عدد إلا ويصح وصفه، فيقال: عشرة واحدة، ومئة واحدة. فالواحد لفظ مشترك، يُستعمل في خمسة أوجه:
الأول: ما كان واحدًا في الجنس أو في النوع كقولنا: الإنسان والفرس واحد في الجنس، وزيد وعمرو واحد في النوع.
والثاني: ما كان واحدًا بالاتصال، إما من حيث الخلقة كقولك: شخص واحد، وإما من حيث الصناعة كقولك: حرفة واحدة.
والثالث: ما كان واحدًا لعدم نظيره. إما في الخلقة كقولك: الشمس واحدة، وإما في دعوى الفضيلة كقولك: فلان واحد دهره، وكقولك: هو نسيج وحده.
والرابع: ما كان واحدًا لامتناع التجزي فيه، إما لصغره كالهباء، وإما لصلابته كالماس.
والخامس: للمبتدأ إما لمبدأ العدد، كقولك: واحد اثنين، وإما لمبدأ الخط كقولك: النقطة الواحدة. والوحدة في كلها عارضة، فإذا وصف الله عز وجل بالواحد فمعناه: هو الذي لا يصح التجزي، ولا التكثر. ولصعوبة هذه الوحدة قال الله تعالى:{وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ}، انتهى.
{الدُّنْيا} مؤنث الأدنى؛ أي: قرب السموات من أهل الأرض. {مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ}؛ أي: متعر عن الخير، متجرد عنه من قولهم: شجر أمرد إذا تعرى من الورق، ومنه: الأمرد لتجرده عن الشعر، والمارد والمريد بمعنى واحد، وهو المتعري عن كل خير. وفي «المختار»: مرد من باب ظرف، فهو مارد ومريد، وهو العاتي.