للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَبَشَّرْناهُ} على لسان الملائكة {بِغُلامٍ حَلِيمٍ}؛ أي: بمولود ذكر يبلغ الحلم، ويكون حليما، وقد استفيد بلوغه من وصفه بالحلم؛ لأنه لازم لتلك السن، إذ قلما يوجد في الصبيان سعة الصدر، وحسن الصبر، والإغضاء عن كل أمر. وهذا (١) الغلام هو إسماعيل عليه السلام، فإنه أول ولد بشر به إبراهيم عليه السلام، وهو أكبر من إسحاق، باتفاق العلماء من أهل الكتاب والمسلمين، بل جاء النص في التوراة على أن إسماعيل، ولد لإبراهيم وسنه ست وثمانون سنة، وولد له إسحاق، وعمره تسع وتسعون سنة، وأي حلم مثل حلمه، عرض عليه أبوه، وهو مراهق أن يذبحه فقال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، فما ظنك به بعد بلوغه؟ وما نعت الله سبحانه، نبيًا من الأنبياء بالحلم غير إبراهيم، وابنه إسماعيل عليهما السلام.

فإن قلت (٢): لم ختم هنا الآية بـ {حَلِيمٍ}، وفي الحجر والذاريات بـ {عَلِيمٍ}؟.

قلت: ختم في ذينك بـ {عَلِيمٍ} إشعارًا بشرف العلم، وختم هنا بـ {حَلِيمٍ} لمناسبة حلم الغلام، لوعده بالصبر في جوابه، لسؤال أبيه في ذبحه، حيث قال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.

الإعراب

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)}.

{فَأَقْبَلَ}: الفاء: عاطفة، {أقبل بعضهم}: فعل، وفاعل، {عَلى بَعْضٍ}: متعلق بـ {أقبل} والجملة معطوفة على {يُطافُ عَلَيْهِمْ}. {يَتَساءَلُونَ}: فعل، وفاعل، والجملة في محل النصب، حال من الفاعل، ومن المجرور. {قالَ قائِلٌ}: فعل، وفاعل، {مِنْهُمْ} صفة لـ {قائِلٌ}، والجملة مستأنفة. {إِنِّي}: ناصب


(١) المراغي.
(٢) فتح الرحمن.