تسعة أنواع، إن جعلنا قوله:{وَبَثَّ فِيهَا} معطوفًا على ما أنزل، وهو الظاهر كما قاله في "الكشاف" وإن عطفناه على قوله: {فَأَحْيَا} فتكون الدلائل ثمانية؛ لأنهما أمران متسببان عن إنزال المطر:
الأول والثاني منها ذكره بقوله:{إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: إن في إيجادهما على غير مثال سبق مع عظمهما وكثرة أجزائهما، وقيل: الخَلْقُ هنا بمعنى المخلوق؛ إذ الآيات التي تشاهد إنما هي في المخلوق الذي هو السموات والأرض، وحينئذ فإضافته بيانية، وإنما جمع السموات؛ لأنها أجناس مختلفة كل سماء من جنس غير جنس الأخرى، وأفرد الأرض؛ لأنها جنس واحد وهو التراب.
والآيات في السماء هي: سمكها، وارتفاعها بغير عمد ولا علَّاقة، وما يُرى فيها من الشمس والقمر والنجوم، وفي ذلك كله ما يدل على أنه صادر من إله واحد لا شريك له في الخلق والتقدير، والحكمة والتدبير.
والآيات في الأرض: مدها، وبسطها على الماء، وما يرى فيها من الجبال والبحار والمعادن والجواهر والأنهار والأشجار والثمار {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ}.
وذكر الثالث منها بقوله:{و} في {اختلاف الليل والنهار}؛ أي: في تعاقبهما بمجيء أحدهما، وذهاب الآخر، واختلافهما في الطول والقصر، والزيادة والنقصان، والنور والظلمة، وإنما قُدِّم الليل على النهار؛ لأن الظلمة أقدم، والآيات في الليل والنهار تعاقبهما بالمجيء والذهاب واختلافهما فيما ذكر، واختلاف انتظام أحوال العباد في معاشهم بالراحة في الليل، والسعي والكسب في النهار.
وذكر الرابع منها بقوله:{و} في الفلك والسفن {الَّتِي تَجْرِي} وتسير {في الْبَحْرِ} والماء العميق.