للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إن حب المؤمنين لله أشد من حب الكفار للأنداد؛ لأن المؤمنين يخصون الله سبحانه بالعبادة والدعاء، والكفار لا يخصون بذلك بل يشركون الله معهم، ويعترفون بأنهم إنما يعبدون أصنامهم؛ ليقربوهم إلى الله تعالى.

{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} قرأ الجمهور: بالياء التحتانية، و {إذ} في قوله: {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} بمعنى إذا الدالة على المستقبل، وقرأ الجمهور أيضًا قوله: {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} بفتح همزة {أن} في الموضعين، و {يَرَى} بصرية، وجواب {لو} محذوف، وجملة {أن} معمولة لجواب {لو} المحذوف؛ والمعنى: ولو رأى وشاهد الذين ظلموا أنفسهم بالشرك، واتخاذ الأنداد في الدنيا وقت رؤيتهم العذاب يوم القيامة .. لعلموا أن القوة لله جميعًا، وأن الله شديد العذاب، وأن الأنداد عاجزة لا تنفع ولا تضر. وعلى قراءة بعض القراء، غير السبع - أي في الشواذة - بكسر الهمزة من {أن}؛ والمعنى حينئذ: ولو يرى الذين ظلموا بعبادة الأصنام عجزها حال مشاهدتهم عذاب الله .. لقالوا: إن القوة لله جميعًا.

وقرأ نافع وابن عامر في المتواتر: {ترى} بالتاء الفوقية مع فتح الهمزة في {أن} على الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو لكل من يصلح للخطاب؛ والمعنى: ولو ترى يا محمَّد الذين ظلموا حالهم إذ يرون العذاب .. لعلمت أن القوة لله جميعًا، ولو كسرت الهمزة .. كان المعنى: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب .. لقلت: إن القوة لله جميعًا، وقرأ ابن عامر: {إذ يُرون} بضم الياء.

وقال أبو حيان (١): قال عطاء: المعنى: ولو يرى الذين ظلموا يوم القيامة إذ يرون العذاب حين تخرج إليهم جهنم من مسيرة خمس مئة عام، تلتقطهم كما يلتقط الحمام الحبة .. لعلموا أن القوة لله والقدرة لله جميعًا.

وقيل المعنى: لو يعلمون في الدنيا ما يعلمونه إذ يرون العذاب .. لأقروا


(١) شوكاني.