ولهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا؛ أي: تركوا القضاء بالعدل، والأول أولى، ولما كان (١) الضلال عن سبيل الله مستلزما لنسيان يوم الحساب، كان كل منهما سببا، وعلة لثبوت العذاب الشديد. وتأدب سبحانه وتعالى مع داود؛ أي: وقَّره وعظَّمه حيث لم يُسند الضلال إليه بأن يقول: فلئن ضللت عن سبيلي، فلك عذاب شديد، لما هو مقتضى الظاهر، بل أسنده إلى الجماعة الغائبين، الذين داود عليه السلام، واحد منهم.
والمعنى: أي إن الذين يتركون الحق، ويضلون عن سبيل معالمه لهم، من الله العذاب الشديد يوم الحساب، لنسيانهم ما في ذلك اليوم من الأهوال، وأن الله سيحاسب كل نفس بما كسبت، فمن دسَّى نفسه، وسلك بها سبيل المعاصي .. فقد حق عليه العذاب، الذي كتبه على العاصين، جزاءً وفاقًا على أعمالهم التي كسبوها بأيديهم، فإن تذكر يوم الحساب يقتضي ملازمة الحق، ومخالفة الهوى.
{ص} إن قلنا: إنه علم للسورة، ففيه سبعة أوجه من الإعراب، كما هو معلوم في أسماء التراجم. والأول منها: أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف، تقديره: هذه سورة {ص}. والجملة الاسمية مستأنفة استئنافًا نحويًا. وإن قلنا: إنه من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه .. فليس موصوفًا بإعراب، ولا بناء؛ لأن الإعراب والبناء فرع عن إدراك المعنى، ومعناه غير معلوم لنا. {وَالْقُرْآنِ}: {الواو}: حرف جر وقسم. {الْقُرْآنِ}: مقسم به، مجرور بواو القسم. {ذِي