هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما وصف الآخرة بصفات توجب الرغبة فيها، ومزيد الشوق إليها .. أعقب ذلك بذكر صفات للدنيا، توجب النفرة منها، كسرعة زوالها وتقضيها وشيكًا تحذيرًا من الاغترار بزهرتها، والركون إلى لذتها. فمثَّل حالها بحال نبات، يسقى بماء المطر، فيخرج به زرع مختلف الأصناف والأنواع، وبعد قليل تراه يجف ويصير فتاتًا متكسرًا. فما أسرع زواله، وأيسر تقضّيه.
قوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بالغ في ذكر ما يدل على وجوب الإقبال على طاعته سبحانه، والإعراض عن الدنيا .. أردف ذلك ببيان أنه لا ينتفع بهذا إلا من شرح الله صدره، ونوّر قلبه، وأشعر نفسه حب العمل به، ثم أعقبه بذكر أن من أضله الله، فلا هادي له، وأن من يتقي بيديه المخاوف، صيانة لوجهه عن النار، ليس حاله كحال من هو آمن، لا يفكر في مآل أمره، وعاقبة عمله. وبعدئذٍ، ذكر أن هؤلاء المشركين، ليسوا بدعًا في الأمم، فلقد كذب كثير قبلهم، فأتاهم العذاب بغتة من حيث لا يشعرون، فأصيبوا في الدنيا بالذل، والصغار، والقتل، والخسف، ولعذاب الآخرة أشد نكالًا ووبالًا، ثم ذكر أن القرآن قد ضرب الأمثال للناس، بلسان عربي مبين، لعلهم يرعوون، ويزدجرون.
قوله تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر الحكمة في ضرب الأمثال للناس، وهي أن تكون عظة، وذكرى لهم، ليتقوا ربهم، ويرعووا عن غيّهم وضلالهم .. أردفه بذكر مثل يرشد إلى فساد مذهب المشركين، وقبح طريقتهم، ووضوح بطلانها، ثم أعقبه ببيان أن الناس جميعًا سيموتون، ثم يعرضون على ربهم، وهناك يستبين المحق والمبطل، والضال والمهتدي، فلا داعي إلى الجدل والخلاف بينك - رضي الله عنه - وبينهم.