الواو من حروف المعاني، فلا تزاد عندهم، وزيدت الواو على القول بزيادتها للإيذان بأنها كانت مفتحةً قبل مجيئهم إليها، وحذفت الواو في الآية الأولى؛ لبيان أن أبواب جهنم كانت مغلقة قبل مجيئهم إليها، والحكمة في ذلك: أن الجنة إذا جاؤوها، ووجدوا أبوابها مفتحة .. حصل لهم السرور والفرح بذلك، وأهل النار إذا رأوها مغلقة .. كان ذلك نوع ذل وهوان لهم.
والثاني: أنها واو الحال، بتقدير: قد؛ أي: حتى إذا جاؤوها وقد فتحت، أبوابها فرحوا بها، كما مر في حلنا.
والثالث: أنها واو الثمانية، زيدت هنا لبيان أن أبواب الجنة ثمانية، ونقصت فيما سبق؛ لأن أبواب جهنم سبعة، والعرب تعطف فيما فوق السبعة، تقول ستة سبعة وثمانية وتسعة، وفيه أن واو الثمانية غير مطردة مقصورة على السماع. فإن قلت: على هذا إن قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} شرط، فأين جوابه؟
قلت: فيه وجوه:
أحدها: أنه محذوف، والمقصود أن يدل على أنه بلغ من الكمال إلى حيث لا يمكن ذكره، ولا يحتاج إلى ذكره.
والثاني: أن الجواب هو قوله: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} بجعل {الواو} فيه زائدةً.
والثالث: الجواب محذوف دل عليه قوله: {فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} والتقدير: حتى إذا جاؤوها، وفتحت أبوابها، وقال لهم خزنتها: سلام عليكم، طبتم فادخلوها خالدين، دخلوها، فحذف دخلوها لدلالة الكلام عليه.
قلت: والأوضح الأخصر: أن تكون {الواو} في قوله: {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} عاطفة على جواب محذوف، دل عليه السياق، والتقدير: حتى إذا جاؤوها فرحوا بمجرد رؤيتها، وفتحت لهم أبوابها ازديادًا في سرورهم، وقال لهم خزنتها: سلام علكيم إلخ. تكرمةً لهم، والله أعلم بمراده في كتابه.