الأسير، وأن لا يقتل مؤمن بكافر. وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لا تقام الحدود في المساجد، ولا يقتل الوالد بالولد" أخرجه الترمذي.
والخلاصة (١): أن القصاص على القاتل أيًّا كان، لا على أحد من قبيلته، ولا على فرد من أفراد عشيرته.
قال البيضاوي في "تفسيره": كان بين حيّين من العرب دماء في الجاهلية، وكان لأحدهما طول - أي فضل وشرف - على الآخر، فأقسموا لنقتلن الحر منكم بالعبد منا، والذكر بالأنثى، فلما جاء الإِسلام تحاكموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت الآية، وأمرهم أن يتبارؤوا؛ أي: يتساووا.
وقد جرى العمل من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتل الرجل بالمرأة، وبعد أن ذكر وجوب القصاص؛ وهو أساس العدل .. ذكر هنا العفو؛ وهو مقتضى التراحم والفضل، فقال:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ}؛ أي: فالقاتل الذي ترك له {مِنْ} دم {أَخِيهِ} المقتول {شَيْءٌ} من العفو، ولو يسيرًا، كأن عفى بعض أولياء الدم - ولو واحد. فيما إذا تعددوا .. سقط عنه القود ووجبت الدية إن حصل العفو عليها {فـ} حينئذٍ وجب على العافي الذي هو ولي الدم {اتباع} القاتل ومطالبته {بـ} الدية على الوجه {المعروف} شرعًا؛ وهو أن يطالبه بالمال من غير تشديد عليه ولا عنف، ولا يطالبه بأكثر من حقه، ويأخذه منه في ثلاث سنين إن كانت دية تامة، أو في سنتين إن كان ثلثي الدية أو نصفًا، وإن كان ثلثها ففي عامه، {و} على القاتل المطلوب بالمال {أداء}؛ أي: تأدية المال {إِلَيْهِ}؛ أي: إلى الولي العافي {بِإِحْسَانٍ}؛ أي: بسهولة من غير مماطلة ولا تسويف ولا بخس، بل بطيب نفس، وطلاقة وجه، وقول جميل. {ذَلِكَ} الحكم الذي شرعناه لكم من جواز العفو على الدية {تَخْفِيفٌ}؛ أي: تسهيل ورخصة {مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} منه للقاتل بسلامته من القتل؛ أي: إن الله سبحانه وتعالى شرع لهذه الأمة المحمدية