فداخل على كلام ليس بتلك المثابة.
ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: {مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ}.
ومنها: الطباق بين {غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، وبين الأعمى، والبصير في قوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩)} وفيه الاستعارة اللطيفة: استعار {الْأَعْمَى} للكافر {وَالْبَصِيرُ} للمؤمن.
ومنها: المقابلة بين {الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} وبين {الَّذِينَ آمَنُوا} {والمسيء}.
فائدة: واعلم: أن التقابل يجيء على ثلاث طرق:
إحداها: أن يجاور المناسب ما يناسبه كهذه الآية.
والثانية: أن يتأخر المتقابلان، كقوله تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ}.
والثالثة: أن يقدم مقابل الأول ويؤخر مقابل الآخر، كقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠)} وكل ذلك تفنن في البلاغة، وقدم {الْأَعْمَى} في نفي التساوي؛ لمجيئه بعد صفة الذم في قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} كما مر اهـ "سمين".
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} لإفادة التهويل والتفظيع, لأن مقتضى السياق أن يقال: {وَقَالَ الَّذِينَ في النَّارِ} لخزنتها، والتفخيم فيه من وجهين:
أحدهما: وضع الظاهر موضع المضمر.
والثاني: ذكره وهو شيء واحد بظاهر غير الأول أفظع منه, لأن جهنم أفظع من النار إذ النار مطلقة وجهنم أشدها.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} لأن الايراث الحقيقي إنما يتعلق بالمال، فلما تعذّر حمله على معناه هنا .. أريد به الترك مجازًا كما مر، فاستعير الإيراث للترك ثم اشتق من الإيراث بمعنى الترك، وأورثنا بمعنى تركنا على طريقة الاستعارة التصريحية التبعية.
ومنها: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في قوله: {قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} على