للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولغة العجم كذلك بالنسبة إلى العرب. و {الهمزة} الأولى فيه: للاستفهام الإنكاري، والثانية: جزء كلمة، و {الياء}: فيه ليست للنسبة، بل للمبالغة في الوصف كالأحمري.

والمعنى: ولو جعلناه قرآنًا أعجميًا .. لأنكروا وقالوا؛ لولا فصلت آياته بلسان نفهمه، إن كان من عند الله أهو؛ أي: القران أعجميٌّ وهو؛ أي: المرسل به أو المرسل إله عربي، فكيف يرسل الكلام العجمي مع الرسول العرب؟ أو كيف يرسل الكلام العجميّ إلى القوم العربي؟ لحصول التنافي بين الكلام وبين الآتي به، أو بين الكلام وبين المخاطب به، مع كون المرسل إليه أمةً جمةً.

وحاصل المعنى: أي (١) ولو جعلنا هذا القرآن الذي أنزل إليك بلغة العجم .. لقال قومك من قريش: هلا بينت أدلته وما فيه من حكم وأحكام بلغة العرب، حتى نفقهه ونعلم ما هو وما فيه وكانوا يقولون منكرين: أقرآن أعجمي ولسان المرسل إليهم عربي.

وخلاصة ذلك: لو نزل بلسان أعجمي .. لقالوا: هلّا بيّنت آياته باللسان الذي نفهمه، ولقالوا: أكلام أعجمي، والمرسل إليهم عرب خلص.

قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي والأعمش وحفص (٢): بهمزتين محققتين، وقرأ الجمهور: {أعجمي} بهمزة الاستفهام بعدها مدة هي حمزة أعجمي، وقياسها في التخفيف: التسهيل بين بين، أي: وقالوا منكرين: أهو قرآن أعجمي ورسول عربي أو مرسل إليه عربي؟ وتأوله ابن جبير أن معنى قوله: أعجمي وعربي؛ أي: أهو قرانٌ أعجمي ونحن عرب؟ مالنا وللعجمة؟ وقرأ الحسن وأبو الأسود والجحدري وسلّام والضحاك وابن عباس وابن عامر: بخلاف عنهما، وأبو العالية ونصر بن عاصم وهشام: بهمزة واحدة هي أصل الكلمة وسكون العين بدون استفهام ولا إنشاء، والكلام حينئذ على الإخبار، والتفصيل في قوله: {لَوْلَا فُصِّلَتْ} بمعنى: التفريق والتمييز، لا بمعنى التبيين، كما في القراءة الأولى، والمعنى حينئذ: ولو جعلنا المنزّل كله أعجميًّا .. لقالوا: لولا فصلت آياته وميّزت، بأن جعل بعضها


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.