للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أعجميًا لإفهام العجم، وبعضها عربيًا لإفهام العرب، فهو؛ أي: القرآن حينئذ أعجمي وعربي.

وقرأ عمرو بن ميمون: {أعجمي} بهمزة استفهام وفتح العين.

والمقصود من هذا الكلام (١): بيان أنّ آيات الله على أيّ وجه جاءتهم .. وجدوا فيها متعنتًا يتعلّلون به؛ لأنّ القوا غير طالبين للحق، وإنما يتبعون أهواءَهم. وفي "التأويلات النجمية": يشير سبحانه إلى إزالة العلة وإزاحتها لمن أراد أن يعرف صدق الدعوة وصحة الشريعة، فإنه لا نهاية للتعليل بمثل هذه التعلُّلات؛ لأنه تعالى لو جعل القرآن أعجميًا وعربيًا .. لقالوا: لولا جعله عبرانيًا وسريانيًا.

ثم أمر الله سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبهم ببيان حال القرآن لدى المؤمنين والكافرين، فقال: {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المشركين، ردًّا على قولهم: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ...} إلخ: {هُوَ}؛ أي: هذا الذكر والقرآن {لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى} يهديهم إلى الحق وإلى طريق مستقيم {وَشِفَاءٌ} لما في الصدور من شكّ وشبهة، ولما في الأبدان من الأسقام والآلام؛ أي: قل (٢) لهم: إن هذا القرآن الذين صدقوا بما جاء به من عند ربهم هادٍ إلى الحق، شافٍ لما في الصدور من ريبة وشك، ومن ثم جاء بلسانهم معجزًا بيّنًا في نفسه، مبيّنا لغيره، ونحو الآية قوله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} أو هو شفاء (٣) حيث استراحوا به من كدّ الفكرة، وتحير الخواطر، أو شفاء لضيق صدور المريدين؛ لما فيه من التنعم بقراءَتِهِ، والتلذذ بالتفكر فيه، أو شفاء لقلوب المحبين من لواعج الاشتياق، لما فيه من لطائف المواعيد، أو شفاء لقلوب العارفين، لما يتوالى عليها من أنوار التحقيق، وآثار خطاب الرب العزيز.

{وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} به ولا يصدقونك، مبتدأ، خبره: قوله: {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} أي: ثقل وصمم على أن التقدير هو؛ أي: القرآن في آذانهم وقر، على أن {وَقْرٌ} (٤): خبر للضمير المقدر و {فِي آذَانِهِمْ}: متعلق بمحذوف وقع حالًا عن


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.
(٤) روح البيان.