للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إنه إذا سافر أفطر؛ لأن معنى الآية: إذا حضر الشهر من أوله إلى آخره، لا إذا حضر بعضه وسافر، فإنه لا يتحتم عليه إلا صوم ما حضره، وهذا هو الحق، وعليه دلت الأدلة الصحيحة من السنة، وقد كان يخرج - صلى الله عليه وسلم - في رمضان فيفطر.

وشهود الشهر (١): إما بالرؤية، وإما بالسماع، فإذا رأى إنسان هلال رمضان، وقد انفرد بتلك الرؤية، ورد الإِمام شهادته .. لزمه أن يصوم؛ لأنه قد حصل شهود الشهر في حقه فوجب عليه الصوم، وإذا شهد عدلان على رؤية الهلال .. حكم بهما في الصوم والفطر جميعًا، وإذا شهد عدل واحد على رؤية هلال شوال .. لا يحكم به، أما إذا شهد على هلال رمضان: فيحكم به احتياطًا لأمر الصوم؛ أي: يقبل قول الواحد في إثبات العبادة، ولا يقبل في الخروج منها إلا قول اثنين؛ لكي يصوموا ولا يفطروا احتياطًا.

{وَمَنْ كَانَ} منكم {مَرِيضًا} في شهر رمضان، وإن كان مقيمًا {أَوْ} كائنًا {عَلَى سَفَرٍ} ومتلبسًا به وقت طلوع الفجر، وإن كان صحيحًا {فَعِدَّةٌ}؛ أي: فعليه صيام قدر ما أفطر من رمضان {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}؛ أي: من أيام غير رمضان، وهذا الكلام تقدم مثله، وإنما كرره (٢)؛ لأن الله تعالى ذكر في الآية الأولى تخيير المريض والمسافر والمقيم الصحيح، ثم نسخ تخيير المقيم الصحيح بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فلو اقتصر على هذا .. لاحتمل أن يشمل النسخ الجميع، فأعاد بعد ذكر الناسخ الرخصة للمريض والمسافر؛ ليعلم أن الحكم باق على ما كان عليه.

{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}؛ أي: يريد الله سبحانه وتعالى التسهيل عليكم أيها المؤمنون بترخيص الإفطار لكم بعذر المرض والسفر {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}؛ أي: ولم يرد التشديد عليكم بإيجاب الصوم في السفر والمرض، وقرىء بإسكان السينين في اليسر والعسر، وبضمهما.


(١) مراح.
(٢) خازن.