أبوابًا من فضة ومسقفا وسرُرًا ومصاعد عليها يظهرون، وزينة في كل شيء، ولكن كل هذا متاع قليل زائل، والآخرة هي الباقية، وهي لمن يتقي الله تعالى، ويجتنب الكفر والمعاصي ولم يفعل ذلك بالمؤمنين، فيوسع عليهم جميعًا ليكون سبب اجتماعهم على الإيمان العقيدة المنبعثة عن الاطمئنان النفسي؛ لأنه لو فعل ذلك لاجتمعوا عليه طلبًا للدنيا، وهذا إيمان المنافقين، ومن ثم ضيق الرزق على بعض المسلمين ووسع على بعض، ليكون من يدخله فإنما يدخله للدليل والبرهان، وابتغاء رضوان الله ومثوبته.
قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما (١) بين أن المال متاع الدنيا، وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم المقيم الدائم، الذي أعده الله سبحانه للمتقين .. ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه، صار كالأعشى عن ذكر الله، وصار من جلساء الشياطين، الضالين المضلين، الذين يصدونه عن السبيل القويم، ويظن أنه مهتد؛ لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه، فيألفه ولا ينكره، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة، تبرأ الكافر من الشيطان قرينه، وقال له: ليت بيني وبينك بعدما بين المشرقين، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان في العذاب لا يخفف عنه شيئًا منه، لاشتغال كل منهما بن بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر في قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصم، وإذا أريتهم معجزاتك كانوا كالعمي، وإنما كانوا كذلك لضلالهم المبين، ثم سلى رسوله، وبين له أنه لا بد أن ينتقم منهم، إما حال حياته أو بعد موته، ثم أمره أن يستمسك بما أمره الله به، فيعمل بموجبه، فإنه الصراط المستقيم النافع في الدين والدنيا، وفيه الشرف العظيم له ولقومه، وسوف يسألون عما قاموا به من التكاليف التي أمرهم بها، ثم أرشد إلى أن بغض