للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (١) طرفًا من قصة موسى عليه السلام، ذكر طرفًا من قصة عيسى عليه السلام، وعن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره لما نزل {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}، ونزل: كيف خلق من غير فحل، قالت قريش: ما أراد محمد - صلى الله عليه وسلم - من ذكر عيسى إلا أن نعبده، كما عبدت النصارى عيسى عليه السلام، فهذا كان صدودهم من ضربه مثلًا.

قوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر فيما سلف: أن يوم القيامة سيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون .. أردف ذلك ببيان أحوال ذلك اليوم:

فمنها: أن الأخلاء يتعادون فيها، إلا من تخالوا على الإيمان والتقوى.

ومنها: أن المؤمنين لا يخافون من سلب نعمة يتمتعون بها, ولا يحزنون على فقد نعمة قد فاتتهم.

ومنها: أنهم يتمتعون بفنون من الترف والنعيم، فيطاف عليهم بصحاف من ذهب، فيها ما لذ وطاب من المآكل، وبأكواب وأباريق فيها شهي المشارب، ويقال لهم: هذا النعيم كفاء ما قدمتم، من عمل بأوامر الشرع ونواهيه، وأسلفتم من إخلاص لله وتقوى له.

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (٧٤) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (٢) ما أعد لأهل الجنة من النعيم المقيم، والتمتع بفنون اللذات، من المآكل والمشارب والفواكه .. أعقب ذلك، بذكر ما يكون فيه الكفار من العذاب الأليم، الدائم، الذي لا يخفف عنهم أبدًا، وهم في حزن لا ينقطع، ثم ذكر أن هذا ليس إلا جزاءً وفاقًا، لما دسوا به أنفسهم من سيء الأعمال، ثم أردف ذلك، بمقال أهل النار، لخزنة جهنم وطلبهم من ربهم، أن يموتوا حتى يستريحوا مما هم فيه من العذاب، ثم إجابته لهم عن ذلك، ثم وبخهم على ما عملوا في الدنيا واستحقوا به العذاب. ثم ذكر


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.