للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما أحكموا تدبيره من رد الحق، دماعلاء شأن الباطل، ظنًا منهم أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، وقد وهموا فيما ظنوا، فإن الله عليم بذلك، ورسله يكتبون كل ما صدر عنهم من قول، أو فعل.

قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر مقال أهل النار لخزنة جهنم، وطلبهم من ربهم أن يموتوا حتى يستريحوا مماهم فيه من العذاب، وحسبانهم أن الله لا يسمع سرهم ونجواهم: أمر هنا نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول للمشركين إحقاقًا للحق: إن مخالفته لهم في عبادة ما يعبدون، لم يكن بغضًا منه لهم، ولا عداوة لمعبوديهم، بل لاستحالة نسبة ما نسبوه إليهم، وبنوا عليه عبادتهم لهم، من كونهم بنات الله، تنزه ربنا عما يقولون. ثم أمره أن يتركهم وشأنهم حتى يأتي اليوم الذي يلاقون فيه جزاء أعمالهم وأقوالهم. ثم أخبر بأن لا معبود في السماء، ولا في الأرض سواه، وهو الحكيم العلم بكل شيء، وأن من يعبدونهم لا يشفعون لهم حين الجزاء والحساب. ثم ذكر أن أقوالهم تناقض أفعالهم، فهم يعبدون غير الله ويقولون: إن الخالق للكون سمائه وأرضه، هو الله سبحانه، ثم أردف هذا، بأنه لا يعلم الساعة إلا هو سبحانه، وأنه يعلم شديدَ حزنك على عدم إيمانهم وعدم استجابتهم لدعوتك، ثم ختم السورة بأمر رسوله بالإعراض عنهم وتركهم وشأنهم، وسيأتي اليوم الذي يلقون فيه الجزاء على سوء صنيعهم، وقبيح فعالهم من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، والإشراك به ما لا ينفع ولا يضر من مخلوقاته.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا ...} الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه أحمد بسند صحيح، والطبراني عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش: "إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير"، فقالوا:


(١) لباب النقول.