لكن الفاء كسرت لمناسبة الياء. {لَا يَذُوقُونَ} الأصل فيه يذوقون نقلت حركة الواو إلى الذال، فسكنت إثر ضمة فصارت حرف مد فوزنه يفعلون. {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} والموت والموتة مصدران من فعل واحد كالنفخ والنفخة، كما مر {وَوَقَاهُمْ} الأصل فيه ووقيهم بوزن فعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، والوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه، ويضره.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإشارة بالقريب إليهم في قوله: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤)} للتحقير والازدراء بهم.
ومنها: التجهيل لمنكري الحشر في قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} وتوكيده بحرف الاستدراك؛ لأن إنكارهم يؤدي إلى إبطال الكائنات بأسرها {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}، اهـ "كرخي"؛ أي: ليس عندهم علم بالكلية.
ومنها: أسلوب التعجيز في قوله: {فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦)}.
ومنها: الإطناب في قوله: {مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}.
ومنها: الاستفهام الذي يطلب به، وبأَمْ تعيين أحد الأمرين، في قوله:{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ...} إلخ، والمراد: التهديد لهم؛ لأنه لا خيرية في الفريقين.
ومنها: تنكير مولى في الموضعين في قوله: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى} لغرض الإبهام فإن المولى مشترك بين معان كثيرة، يطلق على المالك والعبد والمعتق والصاحب والقريب، كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الأخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر، كما في "القاموس". وكل من ولي أمر أحد، فهو وليه ومولاه، فواحد من هؤلاء أي واحد كان، لا يغني عن مولاه أي مولىً كان، شيئًا من الإغناء؛ أي: إغناء قليلًا.