للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تصنع؟ قال: ولدت تمامًا لستة أشهر، وهل يكون ذلك؟ فقال له عليُّ - رضي الله عنه -: أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قال: أما سمعت الله عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}؟ وقال: {حَولَين كَامِلَين} فلم نجده أبقى إلا ستة أشهر، فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا، عليَّ بالمرأة، فوجدها قد فرغ منها (١) .. قال معمر: فوالله ما الغراب بالغراب، ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه، فلمَّا رآه أبوه .. قال: ابني والله لا أشك فيه.

وروى ابن أبي حاتم أيضًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إذا وضعت المرأة لتسعة أشهر .. كفاه من الرضاع أحد وعشرون شهرًا، وإذا وضعته لسبعة أشهر .. كفاه من الرضاعة ثلاثة وعشرون شهرًا، وإذا وضعته لستة أشهر ... فحولان كاملان؛ لأنّ الله تعالى يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}. وقال أبو حنيفة: المراد بحمله: العمل على اليد، ولو حمل على حمل البطن .. كان بيان الأقل مع الأكثر. انتهى.

قيل: ولعلَّ (٢) تعيين أقل مدة الحمل، وأكثر مدة الرضاع؛ أي: في الآية؛ لانضباطهما، وتحقُّق ارتباط النسب، والرضاع بهما، فإن من ولدت لستة أشهر من وقت التزوج، يثبت نسب ولدها، كما وقع في زمان على رضي الله عنه فحكم بالولد على أبيه، فلو جاءت بولد لأقلَّ من ستة .. لم يلزم الولد للزوج، ويفرَّق بينهما، ومن مصَّ ثدي امرأة في أثناء حولين من مدة ولادته .. تكون المرضعة أُمًّا له، ويكن زوجها الذي لبنها منه أبًا له. قال في "الحقائق": الفتوى في مدة الرضاع على قولهما. وفي "فتح الرحمن": اتفق الأئمة على أنَّ أقل مدة الحمل ستة أشهر، واختلفوا في أكثر مدته، فقال أبو حنيفة: سنتان. والمشهور عن مالك: خمس سنين، وروي عنه أربع وسبع. وعند الشافعي، وأحمد: أربع سنين، وغالبها تسعة أشهر. انتهى.


(١) وفي رواية: أنّ عثمان رجع عن قوله ولم يحدّها؛ أي: أن الأمر تم قبل الحد. اهـ.
(٢) روح البيان.