للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحكي عن أرسطوطاليس أنه قال: إنّ مدة الحمل لكل الحيوان مضبوطةٌ، سوى الإنسان، فربما وضعت لسبعة أشهر ولثمانية، وقيل ما يعيش الولد في الثامن إلا في بلاد معينة، مثل: مصر. انتهى. وفي "إنسان العيون": ذكر أنَّ مالكًا رحمه الله مكث في بطن أمه سنتين، وكذا الضحاك بن مزاحم التابعي. وفي "محاضرات السيوطي": أنَّ مالكًا مكث في بطن أمه ثلاث سنين. وأخبر مالك أنَّ جارةً له ولدت ثلاثة أولاد في اثنتي عشرة سنة، تحمل كل ولد أربع سنين. انتهى.

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} غاية (١) لمحذوف؛ أي: أخذ ما وصَّيناه به، حتى إذا بلغ وقت أشده بحذف المضاف. وبلوغ الأشد: أن يكتهل ويستوفي السن الذي تستحكم فيه قوته وعقله وتمييزه. وسن الكهولة ما بين سنّ الشباب وسنّ الشيخوخة. قال في "فتح الرحمن": {أَشُدَّهُ}: كمال قوته وعقله ورأيه. وأقلُّه: ثلاث وثلاثون، وأكثره: أربعون {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}؛ أي: تمام أربعين، بحذف المضاف. قيل: لم يبعث نبي قبل أربعين، وهو ضعيف جدًا، يدل عى ضعفه أنّ عيسى ويحيى عليهما السلام بعثا قبل الأربعين. كما في "بحر العلوم". وجوابه: أنه من إقامة الأكثر الأغلب مقام الكل. قال ابن الجوزي: قوله: "ما من نبيٍ نبىء إلا بعد الأربعين" موضوع؛ لأنَّ عيسى نبىء ورفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنةً، فاشتراط الأربعين في حق الأنبياء ليس بشيء. انتهى. وكذا نُبِّىء يوسف عليه السلام وهو ابن ثماني عشرة سنة. كما في كتب التفاسير، وقيس على النبوة قوة الإيمان والإِسلام. وقوله: {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} قمريةً، لا الشمسية، ما أفادته الآية. ما في "الروح" يفيد أن بلوغ الأربعين هو شيءٌ وراء بلوغ الأشد، وهو (٢) نهاية استحصاد العقل واستكماله، ومن ثم روي عن ابن عباس: "من أتى عليه الأربعون ولم يغلب خيره شرَّه .. فليتجهز إلى النار" ولهذا قيل:

إِذَا الْمَرْءُ وَافَى الأَرْبَعِيْنَ وَلَمْ يَكُنْ ... لَهُ دُوْنَ مَا يَهْوَى حَيَاءٌ وَلَا سِتْرُ


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.