لها حقيقة، كما مرّ. {حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ}؛ أي: وجب عليهم قوله لإبليس: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ} الآية.
{خَاسِرِينَ}؛ أي: كانوا من الذين ضيّعوا نظرهم الشبيه برؤوس الأموال باتّباعهم همزات الشياطين. {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ} والدرجات: المنازل، واحدها: درجة. وهي المنزلة، ويقال لها: منزلة إذا اعتبرت صعودًا، ودركة إذا اعتبرت حدورًا. ومن ثمّ يقال: درجات الجنة، ودركات النار. فالتعبير بالدرجات هنا على سبيل التغليب. {وَلِيُوَفِّيَهُمْ} من وفّاه حقّه: إذا أعطاه إيّاه وافيًا تامًّا.
وعبارة الخطيب: والمعنى: أنّ ما قدّم لكم من الطيبات والدرجات .. فقد استوفيتموه في الدنيا، فلم يبق لكم بعد استيفاء حظوظكم في الدنيا شيء في الآخرة. انتهت. قال ابن بحر: الطيبات: الشباب والقوّة، مأخوذ من قولهم: ذهب أطيباه؛ أي: شبابه وقوّته. قال الماروديّ: ووجدت الضحاك قاله أيضًا. قال القرطبيّ: القول الأول: أظهر. {الْهُونِ}؛ أي: الهوان، والذلّ. {تَفْسُقُونَ}: تخرجون عن طاعة الله تعالى.
{بِالْأَحْقَافِ} جمع حقف بالكسر والسكون، وهو: ما استطال من الرمل العظيم واعوجّ، ولم يبلغ أن يكون جبلًا. والجمع: حقاف وأحقاف: وحقوف. وجمع الجمع: حقائف وحقفة. يقال: احقوقف الرمل والهلال: إذا اعوجّ. وفي المراد بالأحقاف هنا خلاف. فقال ابن زيد: هي رمال مشرفة على البحر، مستطيلة كهيئة الجبال، ولم تبلغ أن تكون جبالًا، وشاهد ما ذكرناه ما قال قتادة: هي جبال مشرفة بالشحر، والشَّحَر: موضع قريب من عدن. وفي "القاموس": الشعر كمنع، فتح الفم، وساحل البحر بين عمان وعدن. وقال ابن إسحاق: الأحقاف: رمل فيما بين عمان إلى حضرموت. وقال قتادة: الأحقاف: رمال مشرفة على هجر بالشحر من أرض اليمن. قال ياقوت: فهذه ثلاثة أقوال غير مختلفة في المعنى، مأخوذ من احقوقف الشيء: إذا اعوجَّ , وإنما أخذ الحقف من احقوقف، مع أنّ الأمر ينبغي أن يكون بالعكس؛ لأنّ احقوقف أجلى معنى،