للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يجوز له أن ينفر ما لم يطلع الفجر؛ لأنه لم يدخل وقت الرمي بعد {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}؛ أي: فلا حرج عليه بتعجيله النفر {وَمَنْ تَأَخَّرَ} بها؛ أي: استمر وبقي بها حتى بات ليلة الثالث ورمى جماره بعد الزوال عند الشافعي، وقال أبو حنيفة (١): يجوز تقديم رمية على الزوال {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} بتأخره فهم مخيرون بين التعجيل والتأخير، ومعنى نفي (٢) الإثم بالتعجيل والتأخير: التخيير بينهما، والرد على أهل الجاهلية، فإن منهم من أثّم المتعجل، ومنهم من أثّم المتأخر، وقيل (٣): إنما قال: {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} لمشاكلة اللفظة الأولى، فهو كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}.

ذلك التخيير، ونفي الإثم {لِمَنِ اتَّقَى} الله في حجه باجتنابه محظورات الإحرام، وإتيانه بالمأمورات؛ لأنه المنتفع بحجه دون من سواه {وَاتَّقُوا اللَّهَ} في المستقبل في مجامع أموركم بفعل الواجبات، وترك المحظورات {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ} أيها العباد {إِلَيْهِ} سبحانه وتعالى {تُحْشَرُونَ} وتجمعون يوم القيامة بالبعث من قبوركم، فيجازيكم بأعمالكم إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، وفيه حث على التقوى.

فصل

وأجمع العلماء (٤) على أن المراد بقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} هو التكبير عند رمي الجمار، وهو أن يكبر مع كل حصاة يرمي بها في جميع أيام التشريق.

وأجمعوا أيضًا على أن التكبير في عيد الأضحى، وفي هذه الأيام في أدبار الصلوات منه، واختلفوا في وقت التكبير، فاقيل: يُبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، فيكون التكبير على هذا القول في خمس عشر صلاة، وهو قول ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال


(١) بيضاوي.
(٢) بيضاوي.
(٣) خازن.
(٤) خازن.