هو؛ أي: الهلاك، والأكثرون على أنه اسم، ثمّ اختلف هؤلاء: فقيل: هو اسم على وزن أفعل، مشتق من الولي: وهو القرب، ومعناه: الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه، وقيل: اسم على وزن فعلى، مشتقّ من آل يؤول، فمعناه: الدعاء عليهم بأن يؤول أمرهم إلى المكروه، وقال الراغب: أولى: كلمة تهدّد وتخوّف، يخاطب بها من أشرف على الهلاك، فيحثّ به على عدم التعرّض، أو يخاطب به من نجا منه فينهي عن مثله ثانيًا، فأكثر ما يستعمل مكرّرًا، كما في قوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤)}، وأنه حث على تأمّل ما يؤول إليه أمره لينتبه المتحرّز منه، وقال صاحب "الصحاح": قول العرب: أولى لك: تهديد وتوعيد، ومنه قول الشاعر:
{فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ}؛ أي: جدَّ أولو الأمر، والعزم والعزيمة: الجد، وعقد القلب إلى إمضاء الأمر، والعزيمة: تعويذٌ، كأنه تصوّر أنك قد عقدت على الشيطان أن يمضي إرادته منك.
والمعنى: فإذا جدّوا في أمر الجهاد، وافترض القتال.
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} بكسر السين وفتحها؛ أي: لعلكم، أو فهل يتوقّع منكم إلا الإفساد أن أعرضتم عن الإيمان والقتال؟ وكلمة عسى: تدلّ على توقّع حصول ما بعدها، ولكن التوقع من الله غير متصوّر؛ لأنّ الله عزّ وجل عالم بما كان وبما يكون، فتفيد هنا التحقق؛ أي: حقّق الله إن أعرضتم وتولّيتم عن دين الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنّ ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض، بالإغارة والنهب والسلب، وقطع الأرحام، كما مرّ، أو إن تولّيتم أمور الناس، أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشوة، والحكم بالظلم.
{وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}: جمع رحم، والرحم في الأصل: رحم المرأة: وهو منبت الولد، ووعاؤه في البطن، ثمّ سمّيت القرابة والوصلة من جهة الولادة رحمًا بطريق الاستعارة؛ لكونهم خارجين من رحم واحد.