وضرب عليًّا، فطرح ترسه من يده، فتناول عليّ بابًا كان عند الحصن، فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده يقاتل حتى قتل مرحبًا، وفتح الله عليه الحصين، وهو حصن ناعم من حصون النطاة، وألقى الباب من يده وراء ظهره ثمانين شبرًا، وذلك بالقوّة القدسيَّة، وفيه بيان شجاعة عليّ، حيث قتل شجيعًا بعد شجيع.
ثم انتقل النبي - صلى الله عليه وسلم - من حصن ناعم إلى حصن العصب من حصون النطاة، فأقاموا على محاصرته يومين، حتى فتحه الله، وما بخيبر حصن أكثر طعامًا منه: كالشعير، والسمن والتمر والزيت، والشحم والماشية والمتاع، ثم انتقلوا إلى حصن قلة، وهو حصن بقلة، وهو آخر حصون النطاة، فقطعوا عنهم ماءهم، ففتحه الله، ثمّ سار المسلمون إلى حصار الشقّ، بفتح الشين المعجمة، وهو أعرف عند أهل اللغة من الكسر، ففتحوا الحصن الأول من حصونه. ثمّ حاصروا حصن البراء: وهو الحصن الثاني من حصون الشقّ، فقاتلوا قتالًا شديدًا حتى فتحه الله، ثمّ حاصروا حصون الكثيبة، وهي ثلاثة حصون: القموص بوزن صبور، والوطيح، وسلالم بضم السين المهملة، وكان أعظم حصون خيبر القموص، وكان منيعًا حاصره المسلمون عشرين ليلةً، ثم فتحه الله على يد عليّ رضي الله عنه ومنه سبيت صفية بنت حيي رضي الله عنها. وانتهى المسلمون إلى حصار الوطيح، بالحاء المهملة، سمي باسم الوطيح بن مارن رجل من اليهود، وسلالم آخر حصون خيبر، ومكثوا على حصارهما أربعة عشر يومًا، وهذان الحصنان فتحا صلحًا؛ لأنَّ أهلهما لما أيقنوا بالهلاك .. سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلح على حقن دماء المقاتلة، وترك الذريّة لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريِّهم، وأن لا يصحب أحد منهم إلا ثوبًا واحدًا على ظهره، فصالحهم عليه، ووجدوا في الحصنين المذكورين مئة درع، وأربع مئة سيف، وألف رمح، وخمس مئة قوس عربية بجعابها، وأشياء أخر غالية القيمة، وهي ما في خزانة أبي الحقيق - مصغرًا - وأرسل - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل فدك، وهي محرّكة: قرية بخيبر، يدعوهم إلى الإِسلام ويخوِّفهم، فتصالحوا معه - صلى الله عليه وسلم - على أن يحقن دماءهم ويخلِّيهم ويخلون