للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لم تعلموا أنهم مؤمنون، وهو صفة لـ {رِجَالٌ} و {نِسَاءٌ} جميعًا، وكانوا بمكة. وهم اثنان وسبعون نفسًا، يكتمون إيمانهم {أَنْ تَطَئُوهُمْ}: بدل اشتمال من {رِجَالٌ} و {نِسَاءٌ} ولكنّه غلّب المذكور، أو بدل من الضمير المنصوب في {تَعْلَمُوهُمْ}. والتقدير على الأول: ولولا وطء رجال ونساء غير معلومين، وعلى الثاني: لم تعلموا وطأهم، والخبر: محذوف؛ أي: ولولا رجال ونساء موجودون؛ أي: لم تعلموا أن تطؤوهم، وتدوسوهم بالقتل، وتهلكوهم؛ وإن الوطء؛ عبارة عن الإيقاع والإهلاك والإبادة {فَتُصِيبَكُمْ}؛ أي: فيتسبب عن هذا الوطء أن تصيبكم {مِنْهُمْ}؛ أي: من جهتهم وبسببهم معطوف على قوله: {أَنْ تَطَئُوهُمْ}، {مَعَرَّةٌ}؛ أي: مشقة ومكروه، كوجوب الدية، والكفارة بقتلهم، والتأسّف عليهم، وتعيير الكفار لكم بذلك، والإثم بالتقصير في البحث عنهم {بِغَيْرِ عِلْمٍ}: متعلق بـ {أَنْ تَطَئُوهُمْ}؛ أي: أن تطؤوهم غير عالمين بهم، فيصيبكم بذلك مكروه لما كفّ أيديكم عنهم، وفي الحذف دليل على شدة غضب الله تعالى على كفار مكة، كأنه قيل: لولا حق المؤمنين موجود .. لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف.

والمعنى (١): لولا كراهة أن تهلكوا أناسًا مؤمنين، بين أظهر الكافرين، غير معروفين لكم، كالوليد وسلمة بن هشام وعيّاش بن ربيعة وأبي جندلٍ، حال كونكم جاهلين بهم، فيصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقّة .. لأذن لكم في دخول مكة عنوةً، أو لما كفّ أيديكم عنهم. اهـ "بيضاوي".

أي (٢): ولولا هؤلاء الذين يكتمون إيمانهم خيفة على أنفسهم، وهم بين أظهرهم .. لسلّطناكم عليهم، فقتلتموهم، وأبدتم خضراءهم، ولكن بين أفنائهم من المؤمنين والمؤمنات من لا تعرفونهم حين القتل، ولو قتلتموهم .. للحقتكم المعرة والمشقة بما يلزمكم في قتلهم من كفارة وعيب.

والخلاصة: أنه لولا وجود المؤمنين مختلطين بالمشركين، غير متميزين


(١) البيضاوي.
(٢) المراغي.