للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا التنكير ردّ على من زعم أنها نزلت في الوليد بن عقبة، وهو من كبار الصحابة؛ لأنّ إطلاق الفسوق عليه بعيد، ذلك أنّ القسوق هو الخروج من الشيء والانسلاخ منه، والوليد كما يذكرون ظنّ فأخطأ، والمخطىء كما قاله الرازي: لا يسمَّى فاسقًا، فالعموم هنا هو المراد، كأنه قال: أيّ فاسق جاءكم بأي نبأ فمّحصوه، وابحثوا عنه، واعرضوه على محك التصويب والتخطئة قبل البتّ في الحكم، ولا تستعجلوا الأمور.

ومنها: الإتيان بصيغة الأمر في قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} دلالة على أنهم نزّلوا منزلة الجاهلين لمكانه؛ لتفريطهم فيما يجب من تعظيم شأنه.

ومنها: التعبير بصيغة المضارع في قوله: {لَوْ يُطِيعُكُمْ} ولم يقل: لو أطاعكم لإفادة الديمومة والاستمرار على أن يعمل ما يرونه صوابًا.

ومنها: الطباق بين {حَبَّبَ} {وَكَرَّهَ}، وبين الإيمان والكفر في قوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ} {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ}.

ومنها: أيضًا صيغة المضارع في قوله: {لَوْ يُطِيعُكُمْ} للدلالة على أنّ امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنّ عنتهم إنما يلزم من استمرار الطاعة فيما يعنّ لهم من الأمور.

ومنها: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} بعد قوله: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ}.

ومنها: الطباق بين: {اقْتَتَلُوا} و {أَصْلِحُوا} في قوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}.

ومنها: مراعاة المعنى، حيث قال: {اقْتَتَلُوا} بواو الجمع؛ لأنّ الطائفتين في معنى القوم والناس، والقياس؛ اقتتلتا بالتثنية، ثمّ مراعاة اللفظ، حيث قال: {بَيْنَهُمَا} بألف التثنية.

ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} أصل الكلام: إنما المؤمنون كالإخوة في وجوب التراحم والتناصر، فحذف وجه الشبه وأداة التشبيه،