فأصبح بليغًا مع إفادة الجملة الحصر؛ أي: فالآية من التشبيه البليغ المبتنى على تشبيه الإيمان بالأب في كونه سبب الحياة كالأب.
ومنها: وضع الظاهر مقام المضمر، مضافًا إلى المأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح، والتحضيض عليه؛ لأنّ مقتضى السياق أن يقال: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بينهم.
ومنها: تخصيص الاثنين بالذكر، في قوله:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بطريق الأولوية؛ لتضاعف الفتنة والفساد فيه.
ومنها: جناس الاشتقاق، في قوله:{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
ومنها: الإتيان بالجمع في قوله: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ}{وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} حيث لم يقل: رجل من رجل، ولا امرأة من امرأة؛ إيذانًا بإقدام غير واحد من رجالهم، وغير واحدة من نسائهم على السخرية، واستفظاعًا للشأن الذي كانوا عليه، ولأنّ مشهد الساخر لا يكاد يخلو ممن يتلهّي ويستضحك، على قوله: ولا يأتي ما عليه من النهي والإنكار، فيكون شريك الساخر، وتلْوه في تحمّل الوزر، وكذلك كل من يستطيبه ويضحك منه، فيؤدّي ذلك وإن أوجده واحد إلى تكثير السخرة، وانقلاب الواحد جماعة وقومًا.
ومنها: تنكير {قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} و {وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} إمّا للتعميم أو للتبعيض، والقصد إلى نهي بعضهم عن سخرية بعض.
ومنها: عطف الخاص على العامل في، قوله:{وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}؛ لأنّه داخل في السخرية، بجعل الخاصّ كأنه جنس آخر للمبالغة، ولهذا قيل:
فالسخرية تكون باللسان وبالعين والإشارة، واللمز إنّما يكون باللسان فقط.
ومنها: التنكير في قوله: {كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} إيذانًا بأنّ من الظنون ما يجب أن يجتنب من غير تبيّن لذلك، ولا تعيين؛ لئلا يجترىء أحد على ظنّ إلا بعد تأمّل، وبعد نظر وتمحيص.