للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الإسناد المجازي في قوله: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} لما فيه من وصف الشيء بوصف صاحبه؛ لأنّ المجد حال المتكلّم.

ومنها: الإظهار في موضع الإضمار في قوله: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ} والإضمار في موضع الإظهار، في قوله: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} فإضمار الكافرين أولًا؛ للإشعار بتعيّنهم بما أسند إليهم من المقال، وأنه إذا ذكر شيء خارج عن سنن الاستقامة .. انصرف إليهم، إذ لا يصدر إلا عنهم، فلا حاجة إلى إظهار ذكرهم، وإظهارهم ثانيًا؛ للتسجيل عليهم بالكفر بموجبه.

ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا} لاستبعاد البعث بعد الموت.

ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} مثل علمه تعالى بكلّيات الأشياء وجزئياتها بعلم من عنده كتاب محيط يتلقى منه كل شيء.

ومنها: الإضراب الانتقالي، من بيان شناعتهم السابقة، إلى بيان ما هو أشنع منه وأفظع، في قوله {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ} وهو تكذيبهم للنبوّة الثابتة بالمعجزات الباهرة، فالأفظعية لكون الثاني تكذيبًا للأمر الثابت من غير تدبّر، بخلاف الأول، فإنه تعجّب.

ومنها: الإتيان بالكلمة المفيدة للتوقّع في قوله: {لَمَّا جَاءَهُمْ} إشعارًا بانهم علموا بعد علو شأنه، وإعجازه الشاهد على حقّيته، فكذّبوا به بغيًا وحسدًا.

ومنها: الإتيان بصيغة التفعيل في قوله: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}؛ لإفادة تكرير النزول.

ومنها: ذكر المحل وإرادة الحال في قوله: {فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ}؛ أي: أشجارًا ذوات ثمرات، كما قال: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ}.