فائدة: قال بعضهم: آدم عليه السلام أنزل من جنّة المأوى التي هي اليوم مقام الروح الأمين جبرئيل عليه السلام. وهي اليوم برزخ لذرية آدم، ونزل إليها جبرئيل من السدرة بنزول آدم. وهذه الجنة لا تقتضي الخلود لذاتها، فلذلك أمكن خروج آدم منها, ولذلك تأثَّر بالاشتياق إلى أن يكون ملكًا بعد سجود الملائكة له بغرور إبليس إياه، ووعده في الخلود رغبة في الخلود والبقاء مع جبرئيل، والجنة التي عرضها السموات والأرض تقتضي الخلود لذاتها، يعلم من دخلها أنه لا يمكن الخروج منها؛ إذ لا سبيل للكون والفساد إليها. قال تعالى في وصف عطائها: إنه {غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي: غير منقطع، انتهى. فالجنة التي عرضها السموات والأرض أرضها الكرسيّ الذي وسع السموات والأرض، وسقفها العرش المحيط. فهي محيطة بالجنان الثمان، وليست هي الجنة التي أنزل منها آدم، كذا قاله أيضًا صاحب كتاب "تلقيح الأذهان".
{مَا زَاغَ الْبَصَرُ}؛ أي: ما مال. وأصل الزيغ: الميل عن الاستقامة. وفيه إعلال بالقلب، أصله: زيغ بوزن فعل، قلبت ياؤه ألفًا لتحركها بعد فتح، أي: ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها، ومكن منها، وما مال يمينًا ولا شمالًا. {وَمَا طَغَى}؛ أي: وما جاوز ما أمر به. وأصله: طغي بوزن فعل، قلبت ياؤه ألفًا لتحركها بعد فتح.
{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ} قال الراغب: أصل اللات: اللاه، فحذفوا منه الهاء، وأدخلوا التاء فيه، فأنَّثوهُ تنبيهًا على قصوره عن الله، وجعلوه مختصًا بما يتقرب به إلى الله في زعمهم. وقال غيره: أصله: لوية، فأسكنت الياء، وحذفت لالتقاء الساكنين، فبقيت لوة، فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت لاة. فهي فعلة من لوى؛ لأنهم كانوا يلوون إليها أعناقهم، ويطوفون بها، وكانت على صورة آدمي. وعلى هذا فالتاء زائدة فيه. لأنه من لوى يلوى. وقيل: التاء فيه أصلية لام الكلمة كالباء في الباب؛ لأنه من لات يليت، فألفها عن ياء. فإن مادة لَ يَ تَ موجودة، فإن وجدت مادة من لَ وَتَ جاز أن تكون منقلبة من واو. وهل هي والعزى علمان بالوضع أو صفتان غالبتان فيه خلاف. ويرتب على ذلك جواز حذف الألف واللام