ومنها: الإرداف في قوله: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} وهو أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضرع له، بل بلفظ هو ردف المعنى الخاص، وتابعه قريب من لفظ المعنى الخاص قرب الرديف من الردف.
والمعنى في الآية: فيهن عفيفات قد قصرف عفتهن طرفهن على بعولتهن. وعدل عن المعنى الخاص إلى لفظ الأرداف؛ لأن كل من عف غض الطرف عن الطموح. فقد يمتد نظر الإنسان إلى شيء، وتشتهيه نفسه، ويعف عنه مع القدرة عليه لأمر آخر. وقصر طرف المرأة على بعلها أو قصر طرفها حياء وخفرًا، أو قصر عيني من ينظر إليهن عن النظر إلى غيرهن أمر رائد على العفة؛ لأنَّ من لا يطمح طرفها لغير بعلها، أو لا يطمح حياء وخفرًا: فإنها ضرورة تكون عفيفة. فكل قاصرة الطرف عفيفة، وليست كل عفيفة قاصرة الطرف. فلذلك عدل عن اللفظ الخاص إلى لفظ الإرداف.
ومنها: التنبيه المرسل المجمل في قوله: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)} لذكر الأداة، وحذف وجه الشبه. وهو الصفاء والبياض.
ومنها: عطف الخاص على العام في قوله: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)} إظهارًا لفضله، وميزته. فإن في فصلهما بالواو عن الفاكهة بيانًا لفضلها على سائر الفواكه، كما مرَّ. حتى كأنهما من المزيّة جنسان آخران، كقوله تعالى:{وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}. ولكن اختلف هل هو من عطف الخاص على العام أو عطف ما تضمنه الأول عليه. والظاهر: أن الآية ليست من عطف الخاص على العام؛ لأن النكرة في سياق الإثبات لا تعم عمومًا شموليًّا.