{ابْتَدَعُوهَا} استحدثوها، ولم تكن في دينهم. {ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}؛ أي: طلبًا لرضاه، ومحبته، وفيه إعلال بالإبدال، أصله: ابتغاى أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة.
{فَمَا رَعَوْهَا}؛ أي: ما حافظوا عليها، أصله: رعيوها، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة.
{كِفْلَيْنِ}؛ أي: نصيبين ضخمين. والكفل: الحظ. قال المؤرخ السدوسي: الكفل: النصيب بلغة هذيل. وقال غيره: بل بلغة الحبشة. وقال المفضل الضبي: أصل الكفل: كساء يديره الراكب حول سنام البعير، ليتمكن من القعود عليه، والنوم إذا أراده، فيحفظه من السقوط، ففيه حظ من التحرز.
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التشبيه البليغ في قوله: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} فقد حذف أداة التشبيه تنبيهًا على قوة المماثلة، وبلوغها حد الاتحاد، كما فعل ذلك أوّلًا حيث قال:{هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ}. وليست المماثلة بين ما للفريق الأول من الأجر والنور، وبين تمام ما للأخيرين من الأصل بدون الإضعاف، فيحصل التفاوت، كذا في "روح البيان"، فراجعه إن شئت.
ومنها: التشبيه التمثيلي في قوله: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ...} الآية، حيث مثل الحياة الدنيا في سرعة انقضائها، وقلة جدواها بحال نبات أنبته الغيث فاستوى، وأعجب به الحراث. فوجه التشبيه منتزع من متعدد.
ومنها: الطباق في قوله: {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ ...} إلخ، فقد طابق بين العذاب والمغفرة في قوله:{وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} ولكنه طابق بين واحد وشيئين،