من الضمير فيه، والتقدير: إلا أن يخافا عدم إقامتهما حدود الله، وأصل (١) الكلام على هذه القراءة إلا أن يخاف ولاة الأمور الرجل والمرأة أن لا يقيما حدود الله، فالولاة فاعل، والرجل مفعول به، والمرأة معطوف عليه، و {أَلَّا يُقِيمَا}: بدل اشتمال من المفعول الذي هو الرجل والمرأة، فحذف الفاعل، وبني الفعل لما لم يسم فاعله، وأتى بدل المفعول به الظاهر بضمير التثنية، وبقي {أَلَّا يُقِيمَا} بدل اشتمال على حاله، لكن من الضمير الذي صار نائب الفاعل، فهذا التركيب على حد {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} تأمل.
وقرىء شاذًا بالفوقانية في الفعلين مفتوحة في الأول، مضمومة في الثاني مع بنائهما للفاعل، وعلى هذه القراءة: فلا التفات في الكلام {فَإِنْ خِفْتُمْ} أيها الحكام، وجاز أن يكون أول الخطاب للأزواج، وآخره للحكام؛ يعني: فإن خشيتم وأشفقتم {أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ}؛ أي: ما أوجب الله على كل منهما من طاعته فيما أمر به من حسن الصحبة والمعاشرة.
{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}؛ أي: لا جناح على الرجل في الأخذ، وعلى المرأة في الإعطاء بأن تفتدي نفسها من ذلك النكاح ببذل شيء من المال يرضى به الزوج، فيطلقها لأجله، وهذا هو الخلع، وقد ذهب الجمهور: إلى جواز ذلك للزوج، وأنه يحل له الأخذ مع ذلك الخوف، وهو الذي صرح به القرآن، وقد تقدم لك أن هذه الآية نزلت في شأن ثابت بن قيس بن شماس، وفي شأن جميلة بنت عبد الله بن أبي، اشترت نفسها من زوجها بمهرها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت:"خذ منها ما أعطيتها وخل سبيلها"، ففعل، فكان ذلك أول خلع في الإِسلام.
ثم الخوف المذكور في هذه الآية يمكن حمله على الخوف المعروف، وهو الإشفاق مما يكره وقوعه، ويمكن حمله على الظن كما قريء شاذًا {إلا أن يظنا} والخوف: إما أن يكون من قبل المرأة فقط، أو من قبل الزوج فقط، أو