٥ - أن لا يقصد تشريك الجملتين في الحكم لقيام مانع، كقوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)} فجملة {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} لا يصح عطفها على {إِنَّا مَعَكُمْ} لاقتضائه أنه من مقولهم، ولا على جملة {قَالُوا} لاقتضائه أن استهزاء الله بهم مقيد بحال خلوهم إلى شياطينهم.
وللوصل مواضع كثيرة أيضًا مذكورة في كتب المعاني، ليس هذا الكتاب موضعها، فراجعها إن أردت الخوض فيها.
ومنها: الترقي في ذكر حال المهاجرين من العالي إلى الأعلى في قوله: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}، فإن رضوان الله أكبر من عطاء الدنيا.
ومنها: الإتيان بضمير الفصل في قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} لإفادة الحصر، فكأن الصدق مقصور عليهم لكمال آثار صدقهم.
ومنها: الاستعارة اللطيفة في قوله: {تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}. شبه الإيمان المتمكن في نفوسهم بمنزل ومستقر للإنسان نزل فيه وتمكن منه حتى صار منزلًا له، وهو من لطيف الاستعارة.