لو مات أحد الزوجين بعد التسمية، وقبل المسيس .. فلها المهر كاملًا، وعليها العدة إن كان الزوج هو الميت {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} هذا خطاب للرجال والنساء جميعًا، وإنما غلب جانب التذكير؛ لأن الذكورة هي الأصل والتأنيث فرع عنها، والمعنى: وعفو بعضكم عن بعض أيها الرجال والنساء أقرب إلى حصول التقوى، وطيب النفس من عدم العفو الذي فيه التنصيف، وقيل: هو خطاب للزوج، والمعنى: وليعف الزوج، فيترك حقه الذي ساق من المهر إليها قبل الطلاق، فهو أقرب للتقوى {وَأَنْ تَعْفُوا} قرأ الجمهور بالتاء الفوقية، وقرأ أبو نهيك والشعبي بالياء التحتية، فيكون الخطاب مع الرجال {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}؛ أي: ولا تتركوا أن يتفضل بعضكم على بعض بأن يسلم الزوج المهر إليها بالكلية، أو تترك المرأة المهر بالكلية، حثهما جميعًا على الإحسان ومكارم الأخلاق.
وقرأ الجمهور {وَلَا تَنْسَوُا} بضم الواو، وقرأ يحيى بن يعمر شذوذًا بكسرها، وقرأ علي ومجاهد وأبو حيوة وابن أبي عبلة شذوذًا أيضًا: (ولا تناسوا} والمعنى: أن الزوجين لا ينسيان التفضل من كل واحد منهما على الآخر.
{إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ} من الفضل والإحسان {بَصِيرٌ} لا يضيع فضلكم وإحسانكم، بل يجازيكم عليه، وإنما ختم هذه الآية بهذه الصفة الدالة على المبصرات؛ لأن ما تقدمه من العفو من المطلقات والمطلقين؛ وهو أن يدفعن شطر ما قبضن، أو يكملون لهن الصداق هو مشاهد مرئي، فناسب ذلك المجيء بالصفة المتعلقة بالمبصرات، ولما كان آخر قوله:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ...} الآية. قوله:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} مما يدرك بلطف وخفاء .. ختم ذلك بقوله:{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} في ختم هذه الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وعد جميل للمحسن، وحرمان لغير المحسن.