تلك الأشغال العظيمة لا بد من المحافظة على الصلاة حتى في حالة الخوف، فلا بد من أدائها رجالًا أو ركبانًا، وإن كانت حالة الخوف أشد من حالة الاشتغال بالنساء، فإذا كانت هذه الحالة الشاقة جدًّا لا بد معها من الصلاة .. فأحرى ما هو دونها من الأشغال المتعلقة بالنساء.
قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ ...} مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى متى ذكر شيئًا من الأحكام التكليفية .. أعقب ذلك بشيء من القصص على سبيل الاعتبار للسامع، فيحمله ذلك على الانقياد، وترك العناد، وكان تعالى قد ذكر أشياء من أحكام الموتى ومن خلفوا، فأعقب ذلك بذكر هذه القصة العجيبة، وكيف أمات الله هؤلاء الخارجين من ديارهم، ثم أحياهم في الدنيا.
وقيل: مناسبة هذه الآية لما قبلها: هو أنه تعالى لمّا ذكر {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢)} .. ذكر هذه القصة؛ لأنها من عظيم آياته وبدائع قدرته.
قوله تعالى:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لمّا ذكر في الآية السابقة قصة الأمم الماضية وفرارهم من الموت .. ذكر هذه الآية مخاطبًا لهذه الأمة بالجهاد في سبيل الله، ومنبهًا لهم على أن لا يفروا من الموت كفرار أولئك، وتشجيعًا لهم وتثبيتا.
قوله تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما أمر بالقتال في سبيل الله، وكان ذلك مما يفضي إلى بذل النفوس والأموال في إعزاز دين الله .. أثنى على من بذل شيئًا من ماله في طاعة الله، وكان هذا أقل حرجًا على المؤمنين؛ إذ ليس فيه إلا بَذْلُ المال دون النفس، فأتى بهذه الجملة الاستفهامية المتضمنة معنى الطلب.