{الْحَاقَّةُ (١)} من أسماء القيامة، اسم فاعل من حقّ الشيء يحقّ بالكسر إذا وجب وثبت؛ أي: الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء. وأصله: الحاققة أدغمت القاف الأولى في الثانية. {مَا الْحَاقَّةُ (٢)}؛ أي: أيّ شيء هي تفخيمًا لشأنها وتعظيمًا لهولها. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣)}؛ أي: أيّ شيء أعلمك ما هي، فلا عِلْمَ لك بحقيقتها، إذ بلغت من الشدة والهول إلى ما لا يبلغها علم المخلوقين. و {أدراك} من الدراية بمعنى العلم، يقال: دراه، ودرى به دراية من باب رمى، وأدراه: أعلمه. وأصله: أدريك بوزن أفعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)} والقارعة هي الحاقّة؛ أي: الساعة. والقيامة سمّيت بالقارعة؛ لأنّها تقرع قلوب الناس وتفزعها بفنون الأفزاع والأهوال. والقرع في اللغة: نوع من الضرب، وهو إمساس جسم لجسم بعنف. وفي "المصباح": وقرعت الباب من باب نفع: طرقته ونقرت عليه. {بِالطَّاغِيَةِ}؛ أي: بالصيحة التي جاوزت حدَّ سائر الصيحات في الشدّة، فرجفت منها الأرض، والمراد بها الصاعقة. {بِرِيحٍ} والياء فيه منقلبة عن واو، وأصله: روح لجمعه على أرواح، فلمّا سكنت الواو في المفرد بعد الكسرة قلبت ياء، كما قلبت ياء في الجمع فقيل: الرياح لوقوعها بعد كسرة، وقبل ألف كصيام. {صَرْصَرٍ} أي: شديدة الصوت التي لها صرصرة، أو شديدة البرد من الصرّ، وهو البرد. {عَاتِيَةٍ}؛ أي: بالغة نهاية القوّة والشدّة، أو التي عتت عن الطاعة، فكأنّها عتت على خزّانها، فلم تطعهم، ولم يقدروا على ردّها لشدّة هبوبها، أو عتت على عادٍ، فلم يقدروا على دفعها بل أهلكتهم.
وفي قوله:{عَاتِيَةٍ} إعلال بالقلب، أصله: عاتوة من عتا يعتو، فلما تطرفت الواو بعد كسرة قلبت ياء. {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ}؛ أي: سلّطها عليهم، من التسخير، وهو سوق الشيء إلى الغرض المختصّ به قهرًا. {سَبْعَ لَيَالٍ} ذكر العدد؛ لأنَّ المعدود وهو ليلة مؤنّث؛ لأنّ الآحاد من أسماء العدد تجري على خلاف القياس لكون الليالي جمع ليلة، وهي مؤنثّة، وتجمع الليلة على الليالي بزيادة الياء على غير