وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لأن أقرأ البقرة أرتلها وأتدبرها أحب إلى من أن أقرأ القرآن كله هذرمةً؛ أي: سرعة.
وأما الحدر: فهو الإسراع في القراءة، كما روي: أنه ختم القرآن في ركعة واحدة أربعة من الأمة: عثمان بن عفّان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير، وأبو حنيفة رضي الله عنهم. وهذا؛ أي: الحدر مختار ابن كثير وأبي عمرو وقالون.
وأمّا التدوير: فهو التوسط بين الترتيل والحدر، وهو مختار ابن عامر والكسائي. وهذا كله إنما يتصور في مراتب الممدود.
وفي الحديث:"رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه". وهو (١) متناول لمن يخل بمبانيه، أو معانيه أو بالعمل بما فيه، وذلك موقوف على بيان اللحن.
وهو قسمان: جلي وخفيّ:
فالجليّ: خطأ يعرض للفظ، ويخلّ بالمعنى بأن بَدَّلَ حرفًا مكان حرف بأن يقول مثلًا: الطالحات بدل الصالحات، وبالإعراب كرفع المجرور ونصبه سواء تغيَّر المعنى به أم لا، كما إذا قرأ {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بجرّ {رسوله}.
والخفي: خطأ يخل باصطلاحات القراء المعروفة لديهم كترك الإخفاء والإدغام والإظهار والقلب، وكترقيق المفخّم عكسه ومد المقصور وقصر الممدود، وأمثال ذلك. ولا شك أن هذا النوع مما ليس بفرض عين يترتب عليه العقاب الشديد، وإنما فيه التهديد وخوف العقاب. قال بعضهم: اللحن الخفي هو الذي لا يعرفه إلا مهرة القراء من تكرير الراءات وتطنين النونات وتغليظ اللامات وترقيق الراءات في غير محلّها لا يتصور أن يكون من فرض العين يترتب عليه العقاب على فاعلها، لما فيه من حرج، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
وقال بعض أهل العلم: ومن الفتنة أن يقول لأهل القرى والبوادي والعجائز والعبيد والإماء لا تجوز الصلاة بدون التجويد، وهم لا يقدرون على التجويد، فيتركون الصلاة رأسًا. فالواجب أن يعلم مقدار ما يصح به النظم والمعنى ويتوغل في الإخلاص وحضور القلب.