للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

متعلق بفعل مضمر؛ أي: فعلنا ذلك ليستيقن الذين أوتوا الكتاب. {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}؛ أي: وليزداد إيمانهم كيفيةً بما رأوا من تسليم أهل الكتاب وتصديقهم أنه كذلك أو كميةً بانضمام إيمانهم بذلك إلى إيمانهم بسائر ما أنزل. وقيل (١): المراد الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام. وقيل: أراد المؤمنين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

والمعنى: ليزدادوا يقينًا إلى يقينهم، لما رأوا من موافقة أهل الكتاب لهم.

وقوله: {وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ} تأكيد لما قبله من الاستيقان وازدياد الإيمان، فإن نفي ضد الشيء بعد إثبات وقوعه أبلغ في الإثبات، ونفي لما قد يعتري المستيقن والمؤمن من شبهة ما، فيحصل له يقين جازم بحيث لا شك بعده. وإنما لم ينظم المؤمنين في سلك أهل الكتاب في نفي الارتياب حيث لم يقل: ولا يرتابوا للتنبيه على تباين النفيين حالًا، فإن انتفاء الارتياب من أهل الكتاب مقارن لما ينافيه من الجحود، ومن المؤمنين مقارن لما يقتضيه من الإيمان وكم بينهما.

والتعبير (٢) عنهم باسم الفاعل بعد ذكرهم بالموصول والصلة الفعلية المنبئة عن الحدوث للإيذان بثباتهم على الإيمان بعد ازدياده، ورسوخهم في ذلك. والمراد نفي الارتياب عنهم في الدين، أو في أن عدة خزنة جهنم تسعة عشر، ولا ارتياب في الحقيقة من المؤمنين، ولكنه من باب التعريض لغيرهم ممن في قلبه شك من المنافقين.

والمعنى: أي ولا يشك أهل التوراة والإنجيل والمؤمنون بالله من أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - في حقّية ذلك العدد.

{وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}؛ أي: شك أو نفاق، فإن كلًّا منهما من الأمراض الباطنة، فيكون إخبارًا بما سيكون في المدينة بعد الهجرة، إذ الاتّفاق إنما حدث بالمدينة، وكان أهل مكة إما مؤمنًا حقًا وإما مكذّبًا وإمّا شاكًّا. {وَالْكَافِرُونَ} المصرّون على التكذيب من أهل مكة وغيرهم. فإن قلت: كيف يجوز أن يكون قولهم هذا مقصودًا لله تعالى؟.


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.