بعد فتح. {أُوتُوا} أصله: أؤتيوا بوزن أفعلوا، استثقلت الضمّة على الياء فحذفت، فلما سكنت حذفت لالتقاء الساكنين. {جُنُودَ رَبِّكَ}؛ أي: جموع خلقه، جمع جند بالضمّ، وهو العسكر، وكلّ مجتمع وكلّ صنف من الخلق على حدة. {وَاللَّيْلِ} وهو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. {وَالصُّبح} قال في "القاموس": الصبح: الفجر أو أوّل النهار، والجمع أصباح. وفي "المفردات": الصبح والصباح: أوّل النهار، وهو وقت ما أحمرّ الأفق بحاجب الشمس. {إِذَا أَسْفَرَ}؛ أي: ضاء وانكشف. قال الراغب: السفر: كشف الغطاء، ويختصّ ذلك بالأعيان، نحو: سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه، والأسفار يختص باللون، نحو: والصبح إذا أسفر؛ أي: أشرق لونه ووجهه. وفي "قوت القلوب": الفجر الثاني هو انشقاق شفق الشمس، وهو بريق بياضها الذي تحت الحمرة، وهو الشفق الثاني على ضدّ غروبها؛ لأن شفقها الأول من العشاء هو العمرة بعد الغروب وبعد العمرة البياض، وهو الشفق الثاني من أوّل الليل، وهو آخر سلطان شعاع الشمس، وبعد البياض سواد الليل وغسقه، ثم ينقلب ذلك على الضدّ، فيكون بدء طلوعها الشفق الأول وهو البياض، وبعده العمرة وهو شفقها الثاني، وهو أوّل سلطانها من آخر الليل وبعده طلوع قرص الشمس. فالفجر هو انفجار شعاع الشمس من الفلك الأسفل إذا ظهرت على وجه أرض الدنيا يستر عينها الجبال والبحار والأقاليم المشرفة العالية، ويظهر شعاعها منتشرًا إلى وسط الدنيا عرضًا مستطيرًا انتهى.
{لَإِحْدَى الْكُبَرِ} والكبر: جمع الكبرى، جعلت ألف التأنيث كتائه وألحقت بها، فكما جمعت فعلة على فعل كركبة وركب جمعت فعلى عليها، وإلا ففعلى لا تجمع على فعل، بل على فعالى كحبلى وحبالى. {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (٣٦)}؛ أي: لبني آدم، سمّوا بشرًا لبدوّ بشرتهم؛ أي: خلوّها عن الشعر. {بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} قال الراغب: {رَهِينَة} إنّه فعيل بمعنى فاعل؛ أي: ثابتة مقيمة. وقيل بمعنى مفعول؛ أي: كل نفس مقامة في جزاء ما قدّم من عملها، ولما كان الرهن يتصور من حبسه أستعير ذلك للمحتبس أي شيء كان. {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩)} سمّوا بهم؛ لأنهم يأخذون كتبم بأيمانهم. {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢)} من سلكت الخيط في الإبرة سلكًا؛ أي: أدخلته فيها، فهو من السلك بمعنى الإدخال، لا من السلوك بمعنى الذهاب. {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} أصله: نكون، هذا قبل نقل حركة الواو إلى الكاف؛ لأنّ الأصل: